مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٣٧٢
على الصدر والقلب عند توسطه نصفين ويفهم من هذه الأخبار عدم مدخلية اللحم فيما هو مناط الحكم فينتج المطلوب لكن يمكن الخدشة فيه بامكان ان يكون المناط كون الموجود بنحو من الاعتبار والمسامحة العرفية مصداقا للميت وهو يتحقق بالنسبة إلى معظم بدنه وكذا بالنسبة إلى مجموع عظامه المجرد واما بالنسبة إلى عظام معظم البدن فلا ولا ملازمة بين الامرين لكن مع ذلك لا شبهة في أن الأول لو لم يكن أقوى فهو أحوط بل لا يبعد كونه مسلما لديهم كما يشعر بذلك ما في الوسائل في توجيه هذه الأخبار بان وجهه وجود عظام الصدر بل عبارة الجواهر أيضا تشعر بذلك فما في عبارة بعض من أن الصلاة على العظم المجرد ما لم يكن تمام العظام منفية بالاجماع لا ينبغي الاصغاء إليه ان أراد ما يعم المفروض وكيف كان فلا ينبغي ترك الاحتياط في مثل المقام بل وكذا فيما لو وجد خصوص مسمى الصدر وان كان القول بالوجوب فيه في غاية الاشكال بل ينبغي وغاية الاحتياط فيما لو وجد جزء تام من رأس أو يد أو رجل أو نحوها خصوصا الرأس ففي صحيحة أحمد بن محمد بن خالد عن أبي عبد الله (ع) قال إذا وجد الرجل قتيلا فان وجد له عضو تام صلى عليه ودفن وان لم يوجد له عضو تام لم يصل عليه ودفن وفي الوسائل قال الكليني وروى أنه يصلى على الرأس إذا افرد عن الجسد ورواية ابن المغيرة قال بلغني عن أبي جعفر (ع) انه يصلى على كل عضو رجلا كان أو يدا أو الرأس جزأ فما زاد فإذا انقص عن رأس أو يدا ورجل لم يصل عليه وهذه الروايات وان كان ظاهرها الوجوب الا انها مع معارضتها برواية أبى طلحة المتقدمة واعراض الأصحاب عنها لا تصلح دليلا لاثبات الوجوب ولذا حملها بعض الأصحاب على ما حكى عنه على الاستحباب وفي الوسائل ان الحمل على التقية ممكن لكنك خبير برجحان الاحتياط في مثل هذه الموارد بل لا بأس بمراعاته فيما لو وجد مقدار معتد به من اجزاء ميت وان لم تكن مشتملة على الصدر أو جزء تام اخر لما رواه إسحاق بن عمار في الصحيح عن الصادق (ع) عن أبيه (ع) ان عليا (ع) وجد قطعا من ميت فجمعت ثم صلى عليها ثم دفنت وهى وان كانت حكاية فعل مجمل لا يصلح مستنده لاثبات حكم مغاير لما علم من الأخبار المتقدمة لكنها تصلح منشأ للاحتمال المحسن للاحتياط في مثل الفرض والله العالم فقد ظهر لك من جميع ما تقدم انه إذا وجد بعض الميت فإن كان فيه الصدر غسل وكفن وصلي عليه ودفن بل وكذا الصدر وحده على الأحوط واما ان لم يكن فيه الصدر أو الصدر وحده وكان فيه العظم فقد جزم الأصحاب من غير خلاف يعرف بأنه غسل بل عن المنتهى عدم الخلاف فيه بين علمائنا وعن الخلاف والغنية دعوى الاجماع عليه وبمن جامع المقاصد نسبته إلى الأصحاب وفي الجواهر لم أعثر فيه على مخالف لكن عن جملة من متأخري المتأخرين التردد فيه بل منعه نظرا إلى انحصار مدركه المتعد به بنقل الاجماع الذي ليس بحجة وربما يستدل له بقاعدة الميسور والاستصحاب وفيهما مالا يخفى فان من شرطهما اتحاد الموضوع المشكوك حكمه مع المتيقن ولو بمسامحة عرفية كي يصدق على الحكم بثبوت الحكم في زمان الشك انه ابقاء المتيقن وانه ميسور المتعذر ونظير الاستدلال بهما في الضعف الاستدلال له بقوله (ع) مالا يدرك كله لا يترك كله وقوله إذا أمرتكم بشئ فاتوا منه ما استطعتم فان مقتضاه صحة بعض الغسل حال التعذر الذي هو خلاف الاجماع لا غسل البعض وأول الثاني إلى الأول لدى التحليل لا يجدى في استفادة حكمه من الدليل عند انتفاء موضوع الحكم الأول عرفا فلو أريد الاستصحاب في مثل المقام فليستصحب عدم تأثير غسل البعض في رفع حدثه وخبثه وعدم وجوب غسله منفردا حال اتصاله بساير الاجزاء على تقدير تعذر غسل ما عداه لا الوجوب الغيري الثابت له حال التمكن المعلوم انتفائه لكنك ستعرف توجيه الاستدلال بهذه القواعد فيما سيأتي واضعف منه الاستدلال له بما روى أن طائرا القت بمكة أو يمامة يدا فعرفت بالخاتم وكانت يد عبد الرحمن بن غياث بن أسيد فغسلها أهل مكة فإنه حكاية مجهولة لعمل ليس بحجة ويتلوهما في الضعف الاستدلال بفحوى الأخبار المتقدمة الامرة بالصلاة على عظام الميت خصوصا الصحيح الأخير المتضمن للصلاة على العظم مطلقا وفيه مالا يخفى فان الاخذ بالفحوى لا يتم الا في الموضوع المقصود بالمنطوق وهو ما وجب عليه الصلاة لا مطلق العظم واما الصحيح فقد عرفت انه لابد من تنزيله على مالا يخالف النص والاجماع فلا يمكن استفادة الحكم من شئ منها الا بالنسبة إلى الموضوع الذي بحكم عليه بوجوب الصلاة نعم ربما يستأنس بمثل هذه الأخبار للمطلوب ببعض التقريبات الآتية * (و) * دون هذه الاستدلالات في الضعف ما في الحدائق وتبعه عليه جماعة ممن تأخر عنه من الاستدلال له بما رواه المشايخ الثلاثة عن أيوب بن نوح في الصحيح عن بعض أصحابنا عن الصادق عليه السلام قال إذا قطع من الرجل قطعة فهي ميتة فإذا مسه انسان فكل ما فيه عظم فقد وجب على من يمسه الغسل فإن لم يكن فيه عظم فلا غسل عليه قال في تقريب الاستدلال المراد بالميتة هنا ميتة الانسان لا مطلق الميتة ليتم تفريع قوله (ع) فإذا مسه انسان فكل ما فيه عظم [الخ] وإذا ثبت اطلاق اسم ميتة الانسان على القطعة المذكورة شرعا يثبت لها الأحكام المتعلقة بميت الانسان من التغسيل والتحنيط والدفن وغير ذلك الا ما اخرجه الدليل والاقتصار هنا على تفريع غسل المس لا يوجب نفى ما سواء من الأحكام ولعل تخصيصه بالذكر لأنه اخفى في الحكم انتهى وفيه ان التفريع لا يقتضى الا صدق كون القطعة ميتة من الانسان في مقابل كونها من ساير الحيوانات وتحقق هذا المعنى في الفرض بديهي غاية الأمر انه ثبت بهذه الرواية اطراد الحكم وعدم اختصاصه باجزاء الميت ولا يتوقف ثبوت حكم المس على صدق عنوان
(٣٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 367 368 369 370 371 372 373 374 375 376 377 ... » »»