براعتها وشجاعتها الأدبية، حتى أنه لم يتمكن أن يشبهها إلا بأبيها سيد البلغاء، فقال: كأنها تفرغ عن لسان أمير المؤمنين (ع)، وهذه الخطبة رواها كل من كتب في وقعة الطف، أوفي أحوال الحسين (ع)، ورواها الجاحظ في كتابه (البيان والتبيين) عن خزيمة الأسدي قال: ورأيت نساء الكوفة يومئذ قياما يندبن مهتكات الجيوب، ورواها أيضا أبو الفضل أحمد بن أبي طاهر بن طيفور في (بلاغات النساء) وأبو المؤيد الموفق بن أحمد الخوارزمي في الجزء الثاني من كتابه (مقتل الحسين) وشيخ الطائفة في أماليه وغيرهم من أكابر العلماء، ومن بلاغتها وشجاعتها الأدبية ما ظهر منها (ع) في مجلس ابن زياد.
قال السيد ابن طاوس وغيرهم وممن كتب في مقتل الحسين (ع) أن ابن زياد (لع) جلس في القصر وأذن للناس إذنا عاما، وجئ برأس الحسين (ع) فوضع بين يديه، وأدخلت عليه نساء الحسين (ع) وصبيانه، وجاءت زينب بنت علي (ع) وجلست متنكرة، فسأل ابن زياد (لع): من هذه المتنكرة فقيل له هذه زينب ابنة علي (ع) فأقبل عليها فقال: الحمد لله الذي فضحكم وأكذب أحدوثتكم، فقالت (ع): إنما يفتضح الفاجر ويكذب الفاسق وهو غيرنا، فقال: كيف رأيت صنع الله بأخيك وأهل بيته؟ فقالت: ما رأيت إلا خيرا، هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم، وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاج ونخاصم، فانظر لمن الفلج يومئذ، ثكلتك أمك يا ابن مرجانة، فغضب اللعين وهم أن يضربها فقال له عمرو بن حريث: إنها امرأة والمرأة لا تؤاخذ بشئ من منطقها، فقال لها ابن زياد (لع): لقد شفى الله قلبي من طاغيتك الحسين والعصاة المردة من أهل بيتك، فقالت: لعمري لقد قتلت كهلي وقطعت فرعي واجتثثت أصلي، فإن كان هذا شفاؤك فلقد اشتفيت، فقال (لع): هذه سجاعة ولعمري لقد كان أبوها سجاعا شاعرا، فقالت: يا ابن زياد ما للمرأة والسجاعة وإن لي عن السجاعة لشغلا.
وفي (لواعج الأشجان) للسيد محسن الأمين (أعلا الله مقامه): وكتب