ومما يجب أن يصار إلى ذكره في هذا الباب ما ظهر من زينب بنت فاطمة وأخت الحسين (ع) من جرأة وثبات جأش في موقفها هذا يوم المعركة وعند ابن زياد وفي قصر يزيد إلى آخر ما قال. ولله در الشاعر الخطيب السيد حسن بن السيد عباس البغدادي حيث يقول:
[يا قلب زينب ما لاقيت من محن * فيك الرزايا وكل الصبر قد جمعا] [فلو كان ما فيك من صبر ومن محن * في قلب أقوى جبال الأرض لا نصدعا] [يكفيك صبرا قلوب الناس كلهم * تفطرت للذي لاقيته جزعا] السفر الرابع (من كربلاء إلى الكوفة ومن الكوفة إلى الشام بعد قتل أخيها الحسين (ع) وأصحابه الأبرار تحت رعاية الظالمين ويشتمل هذا السفر على خطبتيها البليغتين في الكوفة وفي مجلس يزيد في الشام) الإشارة إلى بلاغتها وشجاعتها:
لما عزم ابن سعد على الرحيل من كربلاء، أمر بحمل النساء والأطفال على أقتاب الجمال، ومروا بهن على مصارع الشهداء فلما نظرن النسوة إلى القتلى صحن وضربن وجوههن وفيهن زينب بنت علي (ع) تنادي بصوت حزين وقلب كئيب: يا محمداه صلى عليك مليك السماء، هذا حسين مرمل بالدماء، مقطع الأعضاء، وبناتك سبايا، إلى الله المشتكى، وإلى محمد المصطفى، وإلى علي المرتضى وإلى فاطمة الزهراء وإلى حمزة سيد الشهداء، يا محمداه هذا حسين بالعراء، قتيل أولاد البغايا، وا حزناه وا كرباه عليك يا أبا عبد الله، اليوم مات جدي رسول الله يا أصحاب محمداه، هؤلاء ذرية المصطفى يساقون سوق السبايا، وهذا حسين محزوز الرأس من القفا