وفيات الأئمة - من علماء البحرين والقطيف - الصفحة ٤١
أمير المؤمنين (ع) من يستعطف معاوية ويداري أهل الشام، فامتنع معاوية حتى قال قائلهم اقتلوهم عطشا كما لم يرحموا عثمان، فقال بعض أصحاب معاوية:
أما والله لو سبقك علي لما منعك الماء، فلو كانوا من الترك والديلم والروم فطلبوك الماء لما يحل لك أن تمنعهم، فكيف وهم أصحاب رسول الله وابن عمه وصاحب سره وخليفته، لكنه الجور والله، ثم لحق بأمير المؤمنين (ع) وقاتل معه حتى استشهد رحمه الله تعالى، واستأذن مالك الأشتر والأشعث بن قيس وخواص أمير المؤمنين في حال القتال، قالوا: نموت عطشا ومعنا الأسنة والأسياف فأذن لهم بالقتال، وقال لقنبر: اخرج رمح رسول الله الملموس بيده الشريفة، وسيصير لا بني الحسن ثم ينكسر بيد ابني الحسين في كربلاء، وتقلد سيف رسول الله (ص) وتدرع بدرعه، وخرج وعليه جحفته وقضيبه الممشوق، واقتتلوا قتالا شديدا حتى انكشف أهل الشام عن الماء بعد قتل ذريع، وقد أثخنوا بالجراح، ونزلت مقدمة أمير المؤمنين (ع) على الماء، ونزل (ع) عند مقدمته، ثم استسقى معاوية من أمير المؤمنين الماء، فقال بعض أصحاب معاوية وهو الذي قال: اقتلوهم عطشا كما لم يرحموا عثمان: يا أبا الحسن ملكت فاسمح وجد علينا بالماء، فقال أمير المؤمنين، قولوا لمعاوية يشرب ويسقي دوابه لا أمنعه، ولا يحول بينه وبين الماء حائل، ولله در من قال:
[ملكنا فصار العفو منا سجية * ولما ملكتم سال بالدم أبطح] [وحللتم قتل الأسارى وطالما * غدونا عن الأسرى نعف ونصفح] [فحسبكم هذا التفاوت بيننا * وكل إناء بالذي فيه ينضح] قال الراوي: ثم قامت الحرب بينهم أياما وشهورا، وروي أن عمارا استسقى يوما فأتي له بقدح فيه لبن فشربه، فقال، الله أكبر قد قال لي رسول الله: آخر زادك من الدنيا ضياح من لبن، وتقتلك الفئة الباغية، وهذا آخر أيامي من الدنيا، ثم حمل على القوم وهو يقول: الجنة الجنة تحت ظلال الأسنة، اليوم ألقى الأحبة محمدا وصحبه، فأحاطوا به حتى قتل رضوان الله
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»
الفهرست