وكتب إليه داود بن هاشم الجعفري يسأله عن قول الله عز وجل: (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله) (1) فقال: كلهم من آل محمد (ص) الظالم لنفسه منا الذي لا يعرف حق الامام، والمقتصد منا العارف بحق الامام، والسابق بالخيرات هو الإمام (ع) قال: فدمعت عيني وجعلت أفكر في نفسي في عظم ما أعطى الله آل محمد (ص) فنظر إلي وقال: الامر أعظم بما حدثتك به نفسك من عظم شأن آل محمد (ص) فاحمد الله ان جعلك متمسكا بحبلهم تدعى يوم القيامة بهم إذا دعي كل أناس بإمامهم، إنك على خير.
وقعد إليه إسماعيل بن محمد بن علي بن إسماعيل بن علي بن عبد الله بن العباس قال: فلما مر بي شكوت إليه الحاجة وحلفت له ليس عندي درهم واحد فما فوقه، ولا غذاء ولا عشاء. قال: فقال (ع): أتحلف بالله كاذبا وقد دفنت مائتي دينار، وليس قولي هذا دفعا لك عن العطية، أعطه يا غلام ما معك فأعطاني مائة دينار، ثم قال لي: إنك تحرم الدنانير التي دفنتها، وإنك أحوج ما يكون إليها، وصدق (ع) فيما قال، وذلك أني أنفقت ما وصلني واضطررت اضطرارا شديدا إلى شئ أنفقه، فأتيت إلى الدنانير التي دفنتها فلم أجدها، فإذا ابن لي قد عرف موضعها فأخذها وهرب، فما قدرت منها على شئ.
وقال علي بن زيد بن علي بن الحسين (ع): كان لي فرس وكنت به متعجبا أكثر من ذكره في المجالس، فدخلت يوما على الحسن العسكري (ع) فقال: ما فعل فرسك؟ فقلت: ها هو عند بابك الآن قد نزلت عن ظهره، فقال (ع): استبدل به قبل المساء إن قدرت على مشتر له لا تؤخر ذلك، ودخل داخل فانقطع الكلام، فقمت مفكرا وقلت: ما معنى ذلك، وسرت إلى منزلي فأخبرت أخي فقال: ما أدري ما أقول في هذا، وشححت به، وأمسينا فلما * (هامش ص 409) (1) سورة فاطر، الآية: 32. *