وفيات الأئمة - من علماء البحرين والقطيف - الصفحة ٤٢١
إني لرسولهما إليك قاصدا لأنبئك أمرهما، فإذا أحببت لقاءهما والاكتحال بالتبرك بهما فارتحل معي إلى الطائف، وليكن ذلك في خفية واكتتام.
قال إبراهيم: فشخصت معه إلى الطائف نتخلل رملة رملة حتى أخذ في بعض مخارج الفلوات، فبدت لنا خيمة شعر قد أشرفت على أكمة رمل تتلألأ تلك البقاع منها تلالا، فبدرني إلى الاذن ودخل مسلما عليهما وأعلمهما بمكاني فخرج علي أحدهما وهو الأكبر سنا، المهدي بن الحسن (ع) وإذا هو غلام أمرد، ناصع اللون، واضح الجبين، أزج الحاجبين، مسنون الخد، أقنى الانف، أشم أروع، كأنه غصن بان، صفحة غرته كوكب دري بخده الأيمن خال كأنه قناة مسك على بياض الفضة، له سمة ما رأت العيون أقصد منه ولا أعرف حسنا وسكينة وحياء.
فلما مثل لي أسرعت إلى تلقيه، فأكببت عليه ألثم كل جارحة منه، فقال: مرحبا بك يا أيا إسحاق، لقد كنت اليوم تعدني وشك لقائك، والمقالب بيني وبينك على تشاحط وخيال المشاهدة، وأنا أحمد الله ربي على ما قيض من التلاقي ورفه من كربة التنائي والاستشراف، ثم سألني عن أحوالي متقدمها ومتأخرها فقلت: بأبي وأمي ما زلت [أسأله] عن أمرك بلدا بلدا منذ استأثر الله سيدي أبا محمد فاستغلق ذلك علي، حتى من الله علي بمن أرشدني إليك ودلني عليك، والشكر لله على ما أوزعني فيك من كريم اليد والطول، ثم نسب نفسه (ع) وأخاه موسى واعتزل بي ناحية، ثم قال لي: إن أبي صلوات الله عليه عهد لي أن لا أوطن من أرض الله إلا أخفاها وأقصاها إسرارا لامري، وتحصينا لمحلي ومن كيد أهل الضلال والمردة من احداث الأمم الضؤال، فأنبذني إلى عثيالة التلال والرمال وجنبني صرائم الأرض، ينتظر لي الغاية التي عندها يحل الامر وينجلي الهلع، وكان بسط لي من خزائن الحكم وكوامن العلم ما ان نعشت إليك منه جزءا أغناك عن الجملة.
اعلم يا أبا إسحاق أنه قال صلوات الله عليه: يا بني إن الله جل ثناؤه لم
(٤٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 416 417 418 419 420 421 422 423 424 425 426 ... » »»
الفهرست