فيعدونه للنصرة ليلا، ويقعدون عنه نهارا، فأتيت داره لأخرجه منها فقالت لي الأمة فضة: إن أمير المؤمنين مشغول بنفسه فقلت: خلي عنك وقولي له يخرج وإلا دخلنا عليه وأخرجناه كرها، فخرجت فاطمة الزهراء ووقفت من وراء الباب، فقالت لنا: أيها الضالون المكذبون ماذا تقولون وأي شئ تريدون؟
فقلت: يا فاطمة ما بال ابن عمك قد أوردك للجواب وجلس من وراء الحجاب؟ فقالت: طغيانك يا شقي أخرجني، وألزمك الحجة وكل ضال غوى، فقلت: دعي عنك الأباطيل وأساطير النساء وقولي لعلي بن أبي طالب يخرج، فقالت: لا حبا ولا كرامة فقلت لخالد بن الوليد: أنت ورجالنا هلموا في جمع حطب الجزل، إني مضرمها فقالت: عليك يا عدو الله وعدو رسوله.
فضربت بيدها على الباب لتمنعني من فتحه فتصعب علي، فضربت كفيها بالسوط حتى آلمها، فسمعت لها زفيرا وبكاء فكدت ألين وأنقلب، فذكرت أحقاد علي وولوغه في دماء العرب وصناديد اليمن، وكيد محمد وسحره، فركلت الباب وقد ألصقت أحشاء ها بالباب تترسه، وسمعتها قد صرخت صرخة حسبتها جعلت أعلى المدينة أسفلها، وقالت: يا أبتاه يا رسول الله. هكذا يفعل بي وأنا حبيبتك وابنتك، آه يا فضة إليك فخذيني، فقد قتل والله ما في أحشائي من حمل، فجعلت تمخض وهي مستندة على الجدار، فدفعت الباب ودخلت فأقبلت علي بوجه أغشى بصري نوره فصفقتها على خديها من ظاهر الخمار، فخرمت أذنيها فتناثرت أقراطها إلى الأرض، فخرج علي فلما أحسست به أسرعت إلى خارج الدار فقلت لخالد بن الوليد ومن معه: نجوت من أمر عظيم، وخرج علي وقد ضربت فاطمة بيديها على ناصيتها لتكشف عنها وتستغيث بالله مما نزل بها، فأسبل علي عليها ملاءتها وقال: يا بنت رسول الله إن الله بعث أباك رحمة للعالمين، وأيم الله لئن كشفت عن ناصيتك شاكية إلى ربك ليهلكن هذا الخلق لأجابك حتى لا يبقى على وجه الأرض منهم أحدا، فكوني يا سيدة النساء رحمة ولا تكوني عذابا.
واشتد عليها المخاض ودخلت البيت وأسقطت سقطا قد سماه علي