الفضل بن العباس، وتمطى إليه بسيفه وضرب عنقه، فاجتمع أصحابه على الفضل، وسل أمير المؤمنين سيفه ذا الفقار، فلما نظروا إلى لمعانه وبريق عيني أمير المؤمنين (ع) رموا أسلحتهم وقالوا: الطاعة الطاعة يا أمير المؤمنين، فقال: (ع): أف لكم، انصرفوا برأس صاحبكم هذا إلى صاحبكم الأكبر، فما بمثلكم يطلب الثأر ولا تنقضي الأوتار.
فانصرفوا برأس صاحبهم حتى ألقوه بين يدي أبي بكر، فجمع المهاجرين والأنصار فقال: معاشر الناس إن أخاكم الثقفي قلد صدقات المدينة فغافصه علي بن أبي طالب فقتله أخبث قتلة، وقد خرج نفر من أصحابه إلى الحجاز، فليخرج إليه من شجعانكم من يرده عن سنته، فسكت القوم مليا كأنما على رؤوسهم الطير. فقال أبو بكر: أخرس أنتم أم ذو ألسن؟ فابتدر إليه الحجاج بن صخر وقال له: إن سرت سرنا معك، أما والله لو سار جيشك لينحرنهم علي نحر البدن، ثم قال غيره: إلى من توجهنا؟ إلى الجزار الأعظم الذي يخطف النفوس بسيفه، وإن لقاء أحدنا الموت أهون من علي بن أبي طالب، فقال إذا ذكرت لكم علي بن أبي طالب دارت أعينكم في وجوهكم، وأخذتكم سكرة الموت، فقال عمر: ليس لها إلا خالد بن الوليد، فأرسلاه في جيش عظيم وقالا له: إن نابذك علي بالحرب فتجيئنا به أسيرا.
فنظر الفضل إلى غبرة الخيل وقال: يا أمير المؤمنين قد وجه إليك ابن أبي قحافة بقسطل فقال: يا ابن عباس هون عليك، فلو كانوا صناديد قريش وقبائل حنين وفرسان هوازن لما استوحشت إلا من ضلالتهم، ثم شد محزم الدابة واستلقى على قفاه غير مكترث بهم، وانتبه لصهيل الخيل، فقال له خالد: يا أبا الحسن إنك عليم غير معلم، وفهيم غير مفهم، فما هذه اللوثة التي بدرت منك والنبوة التي ظهرت فيك؟ فإن كنت كارها لهذا الرجل فليس يكرهك، ولا تكونن ولايته عليك ثقلا على كاهلك، ولا شجى في حلقك، ودع الناس وما تولوا، ضل من ضل، وهوى من هوى، وهدي من هدي، ولا