نظرات في الكتب الخالدة - حامد حفني داود - الصفحة ٩١
خرج إلى النور يقرأه السني والشيعي، ذلك أن هذا الكتاب خرج به مؤلفه في أوائل القرن الرابع عشر خلال العقدين الثالث والرابع، في فترة عصيبة كان فيها المستعمر يعبث بمقدرات الأمة العربية ولم يجد طريقا إلى تحقيق رغباته الدنيئة إلا ببث الفرقة بين المسلمين واستغلاله هذه الخلافات المذهبة من أجل تحطيم صرح العروبة والإسلام وقد بلغ التصدع مبلغه في أوائل هذا القرن وقد كانت له جذور عميقة منذ العصر الأموي حين افترق المسلمون في أواسط القرن الأول إلى معسكرين، المعسكر الأول بقيادة يزيد بن معاوية، والمعسكر الثاني بقيادة أبي عبد الله الحسين عليه السلام، وقد استفحل الخلاف بين المعسكرين حين استشهد الحسين عليه السلام في موقعة كربلاء، وظل الخلاف بين المعسكرين طوال العصرين الأموي والعباسي يدور حول الحياة السياسية ونظام الحكم ولا يكاد يمس العقيدة إلا في القليل ولم يكن من رجال الفريقين من يجرؤ على تكفير صاحبه إلا نادرا فلما انقضى العصر العباسي بغلبة المغول على دار الخلافة استحالت هذه الخلافات السياسية إلى خلافات مذهبية تمس الفروع وتتأول قضايا الفقه الإسلامي المستمد من القرآن والسنة، وعلى الرغم من أن التشريع الإسلامي يعتمد على هذين المصدرين الرئيسيين إلا أن ذلك لم يكن كافيا للقضاء على هذه الخلافات، لأن كل فريق كان يعتمد مروياته ولا يعتمد بما يرويه الفريق الآخر فالشيعة لا يعتمدون إلا على ما يروى عن أئمتهم من آل البيت، ولا يحفلون بمرويات غيرهم إلا نادرا - اعتمادا على أن النبي هم أعرف بكلام جدهم من غيرهم على حد تعبيرهم (أصحاب الدار أدرى بما فيه) - والسنة يرون أن رواية الحديث فن له رجاله المتخصصون في علوم الحديث، وعلم الجرح والتعديل،
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»