نظرات في الكتب الخالدة - حامد حفني داود - الصفحة ٩٢
وأن الأئمة ممن يوثق فيهم ويتبرك الناس بآثارهم ويتأسون بأخلاقهم إلا أن رواية الحديث لها رجالها المتخصصون فلا تقصر عليهم دون غيرهم وإن كان هذا الاعتراض أجاب عنه الإمامية بأن لديهم ما لدى أهل السنة من الرجال المتخصصين في علوم الحديث وعلم الجرح والتعديل ناهيك بأن في الكتب الستة عند أهل السنة كثير جدا من الرواة المعتمدين عند الشيعة كالسدي، والجعفي، والنخعي، وشعبة بن الحجاج، وطاووس بن كيسان، وعبد الرزاق المحدث وعلي بن المنذر شيخ الترمذي والنسائي وغيرهم ممن نص عليهم الإمام شرف الدين في كتابه.
وقد كان للخلافات السياسية التي منيت بها الأمة العربية والإسلامية في الداخل وعبث المستعمر وألاعيبه في الخارج أثر وأي أثر في بث الفرقة والعداوة مما حمل كل فريق على تكفير الفريق الآخر وظل هذا البلاء ينخر في صفوف المسلمين ردحا طويلا في أوائل هذا القرن.
وقد لعب التصوف - في هذه الفترة من تاريخ الإسلام - دورا خطيرا حدث ذلك حين بلغ التصوف غاية لا تسامقها غاية من حيث التطور السلوكي، وتعدد الطرق الصوفية التي بلغت فوق المائة.
ولعل هذا التطور المفاجئ الذي بلغه التصوف في أوائل هذا القرن يرجع إلى ما مني به المسلمون من فقد للسلطان المادي فلجاؤا إلى السلطان الروحي يهرعون إليه يستعيضون به عما فقدوه في هذه الفترة العصيبة التي كان فيها التصوف يوم ذلك أشبه بالواحة التي يستروح فيها المسافر من عنت السفر ومشاق الطريق، فأقبل عليه الكثيرون يلتمسون فيه المتنفس الروحي حين فقدوا السلطان المادي.
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»