نظرات في الكتب الخالدة - حامد حفني داود - الصفحة ٩٠
حججه بحجج أقوى منها حتى لا يترك له مجالا من الانتصار والغلبة، ولكننا رأينا في هذين المتناظرين شيئا جديدا لا نكاد نألفه إلا في المنهج الإسلامي في فن المناظرة والجدل، ذلك المنهج هو إصرار كل من الباحثين على الوصول إلى الحقيقة أنى وجدها فلم يكن أحدهما يبغي من المناظرة الكيد لصاحبه أو النيل من علمه أو حتى مجرد الفوق عليه بقدر ما يطمع من الوصول إلى الحقيقة ولو كانت متمثلة في حجة صاحبه.
الأمر الذي حدا بهما إلى حوار علمي منظم يهدي إلى الحق ويأخذ بأيديهما وأيدي القراء إلى المنهج الإسلامي السليم وهو ما سنبسطه للقارئ في صدر هذه العجالة.
ومن عادة المتناظرين - أيضا - أن يهدفا إلى الأسلوب العلمي وحده ليصلا إلى الحقيقة من أقرب طريق، ولكن صاحبينا الجليلين مزجا بين الأسلوبين العلمي والأدبي، فكان حوارهما دائرة معارف واسعة يستلهم منها القارئ حقائق المذهبين السني والشيعي كما يستلهم منهما أفضل ما عرف من الأساليب الأدبية في مستهل القرن - الرابع عشر - وذلك ما جعل من هذا الكتاب حقلا واسعا وروضة فيحاء يجد فيها القراء كل ما يروقهم من ثمار للعلم وفوائد الأدب ويجعل من الكتاب ركنا ركينا في مكتبتنا الإسلامية ومكتبتنا العربية.
وقد استغرق هذا الحوار القيم مائة واثنتى عشرة حلقة جرت بين هذين العالمين الجليلين وكان ذلك في أوائل القرن الرابع عشر الهجري في المدة ما بين (ذي القعدة 1329 ه‍، وجمادى الأولى 1333 ه‍).
وقيمة هذا الكتاب تتجلى أكثر ما تتجلى في الظروف التي ظهر فيها حين
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»