من أخلاق الإمام الحسين (ع) - عبد العظيم المهتدي البحراني - الصفحة ١٢٦
E / في رواية الخاطرة الأخلاقية لا شك أن الحسين (عليه السلام) حينما يروي خاطرة فإنها تكون عميقة الجذور وبعيدة المرمى، وإليك ما رواه من خاطرته (عليه السلام) مع والده وفيها معان أخلاقية دقيقة وعظيمة، قال (عليه السلام): " بينا أمير المؤمنين (عليه السلام) ذات يوم جالس مع أصحابه يعبيهم للحرب إذا أتاه شيخ عليه شحبة السفر، فقال: أين أمير المؤمنين؟
فقيل: هو ذا فسلم عليه.
ثم قال: يا أمير المؤمنين إني أتيتك من ناحية الشام وأنا شيخ كبير، قد سمعت فيك من الفضل ما لا أحصي، وإني أظنك ستغتال، فعلمني مما علمك الله.
قال: نعم يا شيخ.. من اعتدل يوماه فهو مغبون، ومن كانت الدنيا همته اشتدت حسرته عند فراقها، ومن كان غده شر يوميه فهو محروم، ومن لم يبال بما رزئ من آخرته إذا سلمت له دنياه فهو هالك، ومن لم يتعاهد النقص من نفسه غلب عليه الهوى، ومن كان في نقص فالموت خير له. يا شيخ.. إرض للناس ما ترضى لنفسك، وائت إلى الناس ما تحب أن يؤتى إليك.
ثم أقبل - يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) - على أصحابه فقال: أيها الناس أما ترون إلى أهل الدنيا يمسون ويصبحون على أحوال شتى: فبين صريع يتلوى، وبين عائد ومعود، وآخر بنفسه يجود، وآخر لا يرجى، وآخر مسجى، وطالب الدنيا والموت يطلبه، وغافل و ليس بمغفول عنه، وعلى أثر الماضي يصير الباقي.
فقال له زيد بن صوحان العبدي: يا أمير المؤمنين أي سلطان أغلب وأقوى؟
قال: الهوى.
قال: فأي ذل أذل؟
قال: الحرص على الدنيا.
قال: فأي فقر أشد؟
قال: الكفر بعد الإيمان.
قال: فأي دعوة أضل؟
قال: الداعي بما لا يكون.
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»