الفقراء وجلس إلى جانب الرجل الغنى، فانكمش الغنى وجمع ثيابه كما يفعل بعض المرفهين حيث يمتنعون ان يختلطوا الفقراء أو الناس الذين يعملون عندهم ويقولون بان هذا العمل يودى إلى تصغيرهم والتقليل من منزلتهم فانتقد الرسول صلى الله عليه وآله من هذا التصرف الذي رآه، وقال للرجل الغنى: (هل خفت ان يصيبك من فقره شئ؟
قال: لا يا رسول الله. قال: وهل خفت ان يصيبه من غناك شئ، فقال:
لا يا رسول الله! بهذه الموعظة استيقظ الرجل وقال: يا رسول الله: وهبت له نصف مالي، فلم يقبل الفقير، فقال الغنى: وهبت له كل مالي، أي كفارة لعمله معه!
ومن خصائص وفضائل أمير المؤمنين علي عليه السلام ان الله تعالى قد وهبه محبة الفقراء والمستضعفين وان هؤلاء أيضا كانوا يحبونه.
وصفة أخرى من نتائج هذه المساواة ما تلاحظه في حياة المسلمين في عهد النبي صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام، وهي تواضع المسلمين وتظاهر حضورهم في المجالس التي لا تجد فيها أي بهرجة أو تشريفات، كانوا أناسا عاديين، متواضعين.
وبمناسبة هذه الصفة نتوجه إلى الجميع، وخصوصا أصحاب المناصب والمسؤوليات ان يحدوا من هذه التشريفات، ويقلصوا من اعطاء الأهمية للمظاهر، ولا يبتعدوا عن الناس.
ان أعظم قدوة لنا رسول الله صلى الله عليه وآله الذي يصف حياته أمير المؤمنين عليه السلام بأنه كان يعيش حياة الزهد، الحياة الطبيعية العادية، بدون ان يتميز على الناس، ونكتفي هن بايراد كتابه عليه السلام إلى عامله على البصرة عثمان بن حنيف الأنصاري وقد بلغه انه دعي إلى وليمة قوم من أهلها فمضى إليها اما بعد يا ابن حنيف فقد بلغني ان رجلا من فتية أهل البصرة دعاك إلى مأدبة فأسرعت إليها تستطاب لك الألوان وتنقل إليك الجفان، وما ظننت انك تجيب إلى طعام قوم عائلهم مجفو، وغنيهم مدعو، فانظر إلى ما تقضمه من هذا المقضم، فما اشتبه عليك علمه فالفظه وما أيقنت بطيب وجوهه فنل منه.
الا وان لكل مأموم إماما يقتدى به ويستضئ بنور علمه، الا وان امامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه، ومن طعمه بقرصيه. الا وانكم لا تقدرون على ذلك ولكن