مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ٢ - الصفحة ٤٥٦
وتركه وتقريره، فيجب ان يكون الامام كذلك، ولأن المفهوم من الطاعة الكلية ذلك، فان غيرها طاعة جزئية. وقوله وفعله وتقريره مقدم على كل دليل ظني وعلى كل اجتهاد، لان المجتهد إذا له ظن بسبب دليل على حكم يخالف حكم الامام فان وجب اتباع اجتهاده فقد خالف الامام، فلم يثبت له حكم الطاعة الكلية وهو محال، ومناقض للغرض وموجب لافحام الامام، فتعين اتباع غيره حكم الامام قولا أو فعلا أو تقريرا، فهو مقدم على كل دليل ظني واجتهادي والمقدم على كل ظني لا يكون ظنيا قطعا، بل علما.
ومن البديهي ان يكون مقام الإمامة من أعظم المناصب، فان خلافة الله عندما تعطى لشخص يجب ان يكون أصلح البشر وأعلمهم وأطهرهم، ولا يكون له اية سوابق سيئة أو أي انحرافات في طريق الحق في كل حياته.
وفى هذا النظام الإلهي تعطى المناصب والمسؤوليات، في كل مستويات الدولة، إلى أشخاص تتوفر فيهم الصلاحية العلمية، والعملية والقدرة على الإدارة وحسن التدبير، كل ذلك في معايير معينة، يتضح منها انه يجب ان يكون من تعطى له تلك الوظائف الأعلم والأصلح والأليق، وغيرها من الصفات الحميدة.
ان من الخيانات الكبرى ان تسند بعض الوظائف، أو الإدارات إلى أشخاص معينين مع علم الذين يطونهم هذه المناصب بأنه يوجد الأصلح منهم، مع أنه مع وجود الأصلح المتصدي لتلك المسؤولية لا يجوز اعطاؤها إلى غيره، وإلا كان عملا بالهوى وبداية لضعف الحكومة.
ان هذا المقياس الرباني المنطقي في اعطاء الوظائف، لا يوجد اليوم في المجتمعات غير المسلمة، ولا حتى في المجتمعات المسلمة الا نادرا.
وفى نهاية هذا الفصل من المناسب ان نشير إلى الحديث الجامع والكامل للخليل بن أحمد حيث سألوه: ما هو الدليل لكل الأمة على امامة علي عليه السلام؟ فأجابهم هذا الرجل الكبير بهذا الجواب (احتياج الكل إليه وغناؤه عن الكل، دليل على أنه امام الكل).
الخاصية الثالثة: عدم وجود التمييز العنصري والطبقي
(٤٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 451 452 453 454 455 456 457 458 459 460 461 ... » »»