مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ٢ - الصفحة ٤٥٧
سوف يلغى التمييز العنصري والطبقي والصنعي، والألقاب والعناوين الظاهرة في المجتمع الاسلامي عموما يلغى ذلك الغاء تاما من المجتمع العالمي الموعود، ولا يكون له قيمة ولا اعتبار، فالجميع متساوون امام القانون حقيقة وعملا لا شكلا وألفاظا، العالم مع الجاهل والعادل مع الفاسق، والوالي والرئيس، وصاحب أي منصب سياسي مع الشخص العادي.
مثلا لن يكون هناك أي اختلاف في احكام القصاص والجنايات أيا كان القاتل أو المقتول، ولن يكون هناك تفاوت في اجرا احكام الله تعالى بالنسبة إلى السارق والزاني أيا كان وابن من كان، وصاحب أي سابقة كان ومن له ارتباط مع شخصية أو مسؤول أو ابن عائلة معروفة أو غنية.
هذه الخاصية تلاحظونها في المجتمع الاسلامي من خلال سيرة شخص الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله، وحياة أمير المؤمنين علي عليه السلام في مجتمع المدينة والكوفة الاسلاميين.
في هذين المجتمعين كانت احكام الاسلام تطبق على الكل سواء بسواء، وفى صلاة الجماعة يكون الفقير إلى جانب الغنى، والأسود إلى جانب الأبيض، والعبد إلى جانب المولى، أو في الصف المتقدم، وكذلك في اجرا كل الاحكام السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية.
بل كان من القيم المحترمة عندهم ان يتقربوا إلى الله تعالى بحجالة الفقراء ويخالطونهم فيشاركونهم في أمورهم ويكون ذلك عاملا تربويا لهم، وعلى العكس من ذلك مجالسة الأغنياء وأهل القوة والمرفهين، فان ذلك يدفع إلى قساوة القلوب وبالتالي سقوط الانسانية.
وحسب ما جاء في القرآن المجيد والتفاسير ان الملا من القريش وكبارهم قد طلبوا من الرسول صلى الله عليه وآله ان يطرد الفقراء من حوله لان ذلك لا يتناسب مع أعرافهم، ويعتبرونه عملا غير أخلاقي، فلم يقبل رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك، فاقترحوا عليه ان يكون اجتماعه بهم معزولا عن اجتماعه بأولئك، فنزلت الآية (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان امره فرطا) ك ومن الأحاديث المعروفة التي وصلت بهذا المضمون:
انه في يوم من الأيام، كان أحد الأغنياء جالسا في مجلس الرسول صلى الله عليه وآله، فدخل أحد
(٤٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 452 453 454 455 456 457 458 459 460 461 462 ... » »»