فرعون (وهي تعيش بينهم) لأنهم ظالمون فقالت: " ونجني من القوم الظالمين ". وإنما تبرأت من فرعون ومن عمله وقومه لعمق إيمانها.
ذلك لأن المؤمن يجب عليه بحكم الشرائع الإلهية كلها أن يبرأ من أعداء الله ومن أعمالهم، ولا سيما في الشريعة الإسلامية الخالدة، أما إذا لم يبرأ من أعداء الله ومن أعمالهم فإنه يكون معهم ومشاركا لأعمالهم، ومن هنا روت الصحاح والسنن والمسانيد من طرق عديدة عن النبي (ص) أنه قال: " المرء مع من أحب ". وقال (ص) : " من أحب قوما حشر معهم وفي زمرتهم ".
وعن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه قال: " سمعت حبيبي رسول الله (ص) يقول: " من أحب قوما حشر معهم، ومن أحب عمل قوم أشرك في عملهم ". راجع الغدير ج 2 ص 292 في مصادر هذه الأحاديث.
فهي إذا نموذج عال في التجرد لله، حيث لم تتأثر بفرعون وسيطرته وهو يومئذ أعظم ملوك الأرض، ولم تتأثر بقصره وهو أمتع مكان تجد المرأة فيه ما تشتهي. بل استعلت على هذا وذاك بإيمانها الثابت في قلبها من أول أمرها واستمرت عليه حتى قتلها فرعون أخيرا وهي صابرة مجاهدة. فاعتبروا بها يا أولي الألباب، واجعلوها قدوة في الثبات على الإيمان.