عصر الظهور - الشيخ علي الكوراني العاملي - الصفحة ٣٥٤
الدين والملك إلا بوجود شوكة عصبية تظهره وتدافع عنه من يدفعه حتى يظهر أمر الله فيه. وقد قررنا ذلك من قبل بالبراهين القطعية التي أريناك هناك. وعصبية الفاطميين بل وقريش أجمع قد تلاشت من جميع الآفاق، ووجد أمم آخرون قد استعلت عصبيتهم على عصبية قريش إلا ما بقي بالحجاز في مكة وينبع بالمدينة من الطالبيين من بني حسن وبني حسين وبني جعفر، وهم منتشرون في تلك البلاد وغالبون عليها، وهم عصائب متفرقون في مواطنهم وإماراتهم وآرائهم يبلغون آلافا من الكثرة. فإن صح ظهور هذا المهدي فلا وجه لظهوره ودعوته إلا بأن يكون منهم ويؤلف الله بين قلوبهم في اتباعه حتى تتم له شوكة وعصبية وافية باظهار كلمته وحمل الناس عليها. وأما على غير هذا الوجه مثل أن يدعو فاطمي منهم إلى مثل هذا الامر في أفق من الآفاق من غير عصبية ولا شوكة إلا مجرد نسبه في أهل البيت فلا يتم ذلك ولا يمكن ".
ومع أن ابن خلدون لم يجزم بنفي عقيدة المهدي المنتظر ولكنه استبعدها وناقش في عدد من أحاديثها، فقد اعتبر العلماء ذلك منه شذوذا وتكذيبا لعقيدة اسلامية استفاضت أحاديثها وتواترت، وانتقدوه بأنه مؤرخ وليس من أهل الاختصاص في الحديث حتى يحق له الجرح والتعديل والاجتهاد.
وأوسع ما رأيت في الرد عليه كتاب " الوهم المكنون من كلام ابن خلدون " للعالم المحدث أحمد بن الصديق المغربي في أكثر من مئة وخمسين صفحة، قدم له مقدمة وافية ذكر فيها جملة من آراء أئمة الحديث في صحة أحاديث المهدي المنتظر وتواترها، ثم فند مناقشات ابن خلدون واحدة واحدة لأسانيد الأحاديث الثمان والعشرين التي ذكرها، ثم أكمل أحاديث المهدى إلى مئة حديث.
والنموذج الثاني: كتاب " لا مهدي ينتظر بعد الرسول خبر البشر " الذي
(٣٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 348 349 351 352 353 354 355 356 357 358 359 ... » »»