صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٦٩
وفي هذا الحزب عناصر قوية من ذوي الاتباع والنفوذ، كان لها أثرها فيما نكبت به قضية الحسن من دعاوات ومؤامرات وشقاق.
" فكتبوا إلى معاوية بالسمع والطاعة في السر، واستحثوه على المسير نحوهم، وضمنوا له تسليم الحسن اليه عند دنوهم من عسكره، أو الفتك به (1) ".
وفيما يحدثنا المسعودي في تاريخه (2): " أن أكثرهم اخذوا يكاتبونه - يعني معاوية - سرا، ويتبرعون له بالمواعيد، ويتخذون عنده الايادي ".
" ودس معاوية إلى عمرو بن حريث والأشعث بن قيس وحجار بن أبجر وشبث بن ربعي دسيسة، وآثر كل واحد منهم بعين من عيونه، انك إذا قتلت الحسن، فلك مائة الف درهم، وجند من أجناد الشام، وبنت من بناتي. فبلغ الحسن عليه السلام ذلك فاستلام (لبس اللامة) ولبس درعا وكفرها، وكان يحترز ولا يتقدم للصلاة بهم الا كذلك، فرماه أحدهم في الصلاة بسهم، فلم يثبت فيه لما عليه من اللامة (3) ".
ومثل واحد من هذه النصوص يغني عن أمثال كثيرة.
وهكذا كان يعمل هؤلاء عامدين، شر ما يعمله خائن يتحين الفرص، وكانت محاولاتهم اللئيمة، لا تكاد تختفي تحت غمائم الدجل والنفاق، حتى

(1) المفيد في الارشاد (ص 170) - والطبرسي في اعلام الورى.
(2) هامش ابن الأثير (ج 6 ص 42). أقول: وما يدرينا أن يكون كثير من أهل الشام كاتبوا الحسن يومئذ، بمثل ما كاتب به الكوفيون معاوية. وقد علمنا ان الفريقين - أهل الشام وأهل الكوفة - كانوا سواء في إفلاسهم الخلقي الذي ينزع إلى الخيانة كلما أغرتهم المظاهر. وعليك ان ترجع إلى البيهقي في المحاسن والمساوي (ج 2 ص 200) لتشهد مكاتبة أصحاب معاوية عليا عليه السلام، وترجع إلى اليعقوبي (ج 3 ص 12) لتشهد مكاتبة عامة أصحاب عبد الملك بن مروان لمصعب بن الزبير وطلبهم الأمان والجوائز منه. فلعل مكاتبة الشاميين للحسن انما خفيت علينا لان الحسن كان آمن من صاحبه على السر فلم يبح بما وصله منهم، أو لان المؤرخين شاءوا اغفالها ككثير من أمثالها.
(3) علل الشرائع (ص 84).
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»