وذلك انه لو كان معه شئ في بقائه لم يجز ان يكون خالقا له، لأنه لم يزل معه، فكيف يكون خالقا لمن لم يزل معه، ولو كان قبله شئ كان الأول ذلك الشئ، لا هذا، و كان الأول أولى بان يكون خالقا للأول.
ثم وصف نفسه تبارك وتعالى بأسماء، دعا الخلق إذ خلقهم وتعبدهم وابتلاهم إلى ان يدعوه بها، فسمى نفسه سميعا، بصيرا قادرا، قائما ناطقا، ظاهرا باطنا، لطيفا خبيرا، قويا عزيزا، حكيما عليما، وما أشبه هذه الأسماء.
فلما رأى ذلك من أسمائه الغالون المكذبون، وقد سمعوا نحدث عن الله انه لا شئ مثله، ولا شئ من الخلق في حاله، قالوا: أخبرونا إذا زعمتم انه لا مثل لله ولا شبه له، كيف شاركتموه في أسمائه الحسنى، فتسميتم بجميعها، فان في ذلك دليلا على انكم مثله في حالاته كلها، أو في بعضها دون بعض، إذ جمعتم الأسماء الطيبة.
قيل لهم: ان الله تبارك وتعالى الزم العباد أسماء من أسمائه على اختلاف المعاني، وذلك كما يجمع الاسم الواحد معنيين مختلفين.