والدليل على ذلك قول الناس الجائز عندهم الشائع، و هو الذي خاطب الله به الخلق، فكلمهم بما يعقلون، ليكون عليهم حجة في تضييع ما ضيعوا، فقد يقال للرجل: كلب و حمار، وثور وسكرة، وعلقمة وأسد، كل ذلك على خلافه وحالاته، لم تقع الأسامي على معانيها التي كانت بنيت عليه، لان الانسان ليس با سد ولا كلب، فافهم ذلك رحمك الله.
وانما سمى الله تعالى بالعلم بغير علم حادث علم به الأشياء، استعان به على حفظ ما يستقبل من امره، والروية فيما يخلق من خلقه، ويفسد ما مضى مما افنى من خلقه، مما لو لم يحضره ذلك العلم ويغيبه كان جاهلا ضعيفا، كما انا لو رأينا علماء الخلق انما سموا بالعلم لعلم حادث، إذ كانوا فيه جهلة، وربما فارقهم العلم بالأشياء فعادوا إلى الجهل، وانما سمى الله عالما لأنه لا يجهل شيئا، فقد جمع الخالق والمخلوق اسم العالم، واختلف المعنى على ما رايت.