فهذا فصل بين الال والأمة، لان الله جعلهم في حيز و جعل الناس كلهم في حيز دون ذلك، ورضى لهم ما رضى لنفسه واصطفاهم فيه، وابتدأ بنفسه ثم ثنى برسوله، ثم بذى القربى في كل ما كان من الفيئ والغنيمة وغير ذلك مما رضيه عز وجل لنفسه ورضيه لهم، فقال - وقوله الحق -: " واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى "، فهذا توكيد مؤكد وأمر دائم لهم إلى يوم القيامة في كتاب الله الناطق، الذي " لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ".
وأما قوله: " واليتامى والمساكين "، فان اليتيم إذا انقطع يتمه خرج من المغانم، ولم يكن له نصيب، وكذلك المسكين إذا انقطعت مسكنته لم يكن له نصيب في المغنم، ولا يحل له أخذه، وسهم ذي القربى إلى يوم القيامة قائم فيهم للغنى والفقير، لأنه لا أحد أغنى من الله ولا من رسوله صلى الله عليه واله، فجعل لنفسه منها سهما ولرسوله صلى الله عليه واله سهما، فما رضى لنفسه ولرسوله رضيه لهم.