كأنك إذ ملكتنا لشقائنا * عجوز عليها التاج والعقد والاتب لقد ضاع ملك الناس إذ ساس ملكهم * وصيف وأشتات وقد عظم الكرب (1) ومثلت هذه الأبيات محنة المسلمين وشقاءهم بخلافة المعتصم الذي لم يتمتع باي صفة كريمة تؤهله لمركز الخلافة الاسلامية التي هي ظل الله في الأرض، وقد ظل دعبل في عهده مختفيا يطارده الرعب والفزع فقد أوعز المعتصم إلى شرطته باعتقاله ولكنهم لم يظفروا به، ولما هلك المعتصم هجاه بهذه الأبيات:
قد قلت: إذ غيبوه وانصرفوا * في شر قبر لشر مدفون اذهب إلى النار والعذاب فما * خلتك إلا من الشياطين وما زلت حتى عقدت بيعة من * أضر بالمسلمين والدين (2) هجاؤه للواثق:
ولما تولى الواثق عمد دعبل إلى طومار فكتب فيه الأبيات التالية، ودفعها إلى الحاجب، وقال له: قل له هذه أبيات امتدحك بها دعبل، وهذه الأبيات.
الحمد لله لا صبر ولا جلد * ولا عزاء إذا أهل الهوى رقدوا خليفة مات لم يحزن له أحد * وآخر قام لم يفرح به أحد فمر هذا، ومر الشؤم يتبعه * وقام هذا فقام الويل والنكد ولما فضها الواثق وقرأها تميز غيظا وغضبا وطلب دعبل بكل ما يقدر عليه من الطلب فلم يظفر به حتى هلك الواثق (3).
هذه صور من هجائه، وهي تمثل اندفاعه نحو الحق، ونصرته للمظلومين والمضطهدين في عصره.
لقد كان دعبل من زعماء المعارضة للحكم العباسي في عصره، ومن الجناية على الفكر أن يوصم الرجل بأنه خبيث اللسان لم يسلم أحد من الخلفاء من لسانه (4) فان هذا القول رخيص، وبعيد عن الواقع لقد هام دعبل في حب أهل البيت الذين اضطهدتهم الحكومات العباسية، وجهدت في ظلمهم وظلم شيعتهم فاندفع دعبل