فقل لابن سعد - أبعد الله سعده - * ستلقى عذاب النار واللعنات سأقنت طول الدهر ما هبت الصبا * وأقنت بالآصال والغدوات على معشر ضلوا جميعا وضيعوا * مقال رسول الله بالشبهات لقد رفعوا رأس الحسين على القنا * وساقوا نساء حسرا ولهات توفوا عطاشا نازحين وغادروا * مدارس وحى الله مندرسات يغز على المختار أن يمكث ابنه * طريحا بلا دفن لدى الهبوات ويرفع رأس الرمح رأس حبيبه * ويسرى به للشام في الحربات وينكثه بالعود من لاكت أمه * لحمزة كبدا لم يسغ بلهاة مصائب أجرت عين كل موحد * دماء رماها القلب بالعبرات (1) ومثلت هذه الأبيات لوعة الخزاعي وأساه على ما حل بابن الرسول وريحانته من فوادح الخطب، والمصائب المذهلة التي تذوب من هولها الجبال، فقد قتله البغاة استجابة لرغبات أسيادهم الأمويين، وتركوا جثمانه الشريف ملقى على صعيد كربلا لم يواروه واحتزوا رأسه الشريف، وجعلوا يطوفون به في الأقطار والأمصار تشفيا منه، واظهارا لفرحتهم الكبرى بقتله... ولنستمع إلى مقطوعة أخرى من رثائه للإمام الحسين (عليه السلام) يقول:
رأس ابن بنت محمد ووصيه * يا للرجال على فتاة يرفع والمسلمون بمنظر وبمسمع * لا جازع من ذا ولا متخشع أيقظت أجفانا وكنت لها كرى * وأنمت عينا لم تكن بك تهجع كحلت بمنظرك العيون عماية * وأصم نعيك كل اذن تسمع ما روضة إلا تمنت أنها * لك مضجع ولحظ قبرك موضع (2) لقد نعى دعبل ذهاب الحمية الاسلامية، فقد استسلم المسلمون للذل والهوان، ومدوا أعناقهم بخنوع لحكومة يزيد التي استهانت بقيمهم ومقدراتهم، فرفعت رأس ابن بنت نبيهم على أطراف الأسنة والرماح يطاف به في الأقطار والأمصار وذلك بمنظر ومسمع من جميع الأوساط ولم يبد أحد نقمته وسخطه على يزيد، وفيما أحسب أن ذلك كان ناجما من العنف والارهاب اللذين سادا على الأمة،