حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ٢ - الصفحة ١٢٣
فكانت السلطة تأخذ بالظنة والتهمة، وتأخذ البرئ بالسقيم، والمقبل بالمدبر، ومن الطبيعي ان ذلك أوجب انتشار أوبئة الخوف عند المسلمين.... هذه بعض مراثي دعبل لسيد الشهداء (عليه السلام).
هجاؤه:
لقد نقم دعبل على ملوك عصره العباسيين، وهجاهم بأقذع ألوان الهجاء، ولم يكن بذلك مدفوعا وراء العواطف والأهواء التي لا تمت إلى الحق بصلة، فقد جانب أولئك الملوك الحق، وسخروا اقتصاد الأمة إلى شهواتهم فانفقوا ملايين الأموال على المغنين والعابثين وجلبوا لقصورهم ما حرم الله من الخمر، وأنواع اللهو في حين أن الأمة كانت تعاني الفقر والحرمان، وقد خيم عليها البؤس ولنستمع إلى بعض هجائه.
هجاؤه للرشيد:
ولما توفي الإمام الرضا (عليه السلام) سارع المأمون فدفنه إلى جانب أبيه، وسئل عن ذلك، فقال: ليغفر الله لهارون بجواره للإمام الرضا، ولما سمع دعبل ذلك هزأ وقال:
قبران في طوس خير الناس كلهم * وقبر شرهم هذا من العبر ما ينفع الرجس من قرب الزكي ولا * على الزكي بقرب الرجس من ضرر هيهات كل امرئ رهن بما كسبت * له يداه فخذ ما شئت أو فذر وأي هجاء لهارون أقذع وأمر من هذا الهجاء، فقد عبر عنه تارة بشر الناس، وآخر بالرجس، وان قربه من مثوى الامام لا ينتفع به، فكل امرئ يعامل بما كسبت يداه، ولا عبرة بغير ذلك.
هجاؤه لإبراهيم:
ولما بايع المأمون الإمام الرضا (عليه السلام) بولاية العهد غضب العباسيون وانتفخت أوداجهم، فعمدوا إلى إبراهيم بن المهدى شيخ المغنين فبايعوه، وانبرى دعبل إلى هجائه فقال:
نعر ابن شكلة بالعراق وأهله * فهفا إليه كل أطلس مائق ان كان إبراهيم مضطلعا بها * فلتصلحن من بعده للمخارق ولتصلحن من بعد ذاك لزلزل * ولتصلحن من بعده لمخارق
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»
الفهرست