أني يكون وليس ذاك بكائن * يرث الخلافة فاسق عن فاسق (1) وأقذع هجاء وأمره هذا الهجاء فان الخلافة لو صلحت لإبراهيم لصلحت لغيره من المغنين، كمخارق وزلزل ومارق، وبذلك تكون الدولة دولة المغنين، وان من المستحيل أن تتحول الخلافة إلى هذا المستوى السحيق، وأن يرث الخلافة فاسق عن فاسق، ومن الطريف ان الجند اجتمعوا حول بلاطه يطالبونه برواتبهم ولم يكن عنده شئ من المال فانبرى أحد الظرفاء فخاطب الجند فقال لهم: سوف يخرج إبراهيم ويغني لهذا الجانب بصوت، وبغني للجانب الآخر بصوت، وهذا هو أرزاقكم وسمع دعبل بذلك فقال:
يا معشر الأجناد لا تقنطوا * خذوا عطاياكم ولا تسخطوا فسوف يعطيكم معبدية * يلتذ بها الأمرد والأشمط (2) والمعبديات لقوادكم * لا تدخل الكيس ولا تربط وهكذا يرزق أجناده * خليفة مصحفه الربط أرأيتم هذه السخرية؟ وهذا الاستهزاء بشيخ المغنين الذي يرزق أجناده بالغناء الذي لا يدخل الكيس. ولا يربط!؟.
هجاؤه للمعتصم:
أما هجاء دعبل للمعتصم فكان مرا وقاسيا، وكان المعتصم طاغيا، ظالما لا عهد له بالرأفة والرحمة، وقد صدق دعبل في هجائه له بهذه المقطوعة:
بكى لشتات الدين مكتئب صب * وفاض بفرط الدمع من عينه غرب وقام إمام لم يكن ذا هداية * فليس له دين وليس له لب وما كانت الانباء تأتي بمثله * يملك يوما أو تدين له العرب ولكن كما قالوا الذين تتابعوا * من السلف الماضين إذ عظم الخطب ملوك بنى العباس في الكتب سبعة * ولم تأتنا عن ثامن لهم الكتب كذلك أهل الكهف في الكهف سبعة * كرام إذا عدوا وثامنهم كلب واني لأعلي كلبهم عنك رفعة * لأنك ذو ذنب وليس له ذنب