حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ٢ - الصفحة ١٢١
أعني الموحد قبل كل موحد * لا عابدا وثنا ولا جلمودا وهو المقيم على فراش محمد * حتى وقاه مكايدا ومكيدا وهو المقدم عند حومات الندا * ما ليس ينكر طارفا وتليدا (1) وعرض دعبل في هذه الأبيات إلى نصرة الإمام (عليه السلام) للرسول (صلى الله عليه وآله)، فهو المنافح الأول عن كلمة التوحيد وبجهوده وجهاده قام دين الاسلام، وقد كشف الكروب عن النبي (ص) في أحلك الظروف وأقساها ففي واقعة بدر وأحد والخندق وغيرها كان الامام البطل الأوحد الذي أطاح برؤوس المشركين، وسحق جيوشهم، ورفع راية التوحيد.
وعرض دعبل إلى مبيت الإمام (عليه السلام) على فراش النبي (ص) ووقايته له بمهجته، وقد قام بأروع عملية فدائية في الاسلام فما أعظم أياديه على هذا الدين، هذا بعض ما قاله دعبل في مدح الامام أمير المؤمنين (عليه السلام).
رثاؤه للإمام الحسين:
وروع المسلمون بكارثة كربلاء التي انتهكت فيها حرمة الرسول (ص) في أبنائه وذريته فقد أبادت جيوش الأمويين بوحشية قاسية عترة النبي (ص) واقترفت فيهم أفظع الجرائم، وقد اهتز لهول هذه الفاجعة الضمير الانساني، وقد اندفع دعبل الذي هو علوي الفكر إلى رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) فرثاه بذوب روحه في مجموعة من روائع نظمه كان من بينها هذه اللوحات:
أأسبلت دمع العين بالعبرات * وبت تقاسي شدة الزفرات وتبكي على آثار آل محمد * وقد ضاق منك الصدر بالحسرات ألا فابكهم حقا وأجر عليهم * عيونا لريب الدهر منسكبات ولا تنس في يوم الطفوف مصابهم * بداهية من أعظم النكبات سقى الله أجداثا على طف كربلا * مرابع أمطار من المزنات وصلى على روح الحسين وجسمه * طريحا على النهرين بالفلوات قتيلا بلا جرم ينادى لنصره * - فريدا وحيدا - أين أين حماتي أأنسى - وهذا النهر يطفح - ظامئا * قتيلا ومظلوما بغير ترات

(1) ديوان دعبل (ص 102).
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»
الفهرست