إليه (ع): أنه رجل دنيا فقط، وأنه ليس زاهدا في الدنيا، وإنما هي التي زهدت فيه.
وعلى كل حال: ورغم كل محاولات المأمون تلك.. فقد استطاع الإمام (ع)، بفضل وعيه، ويقظته، وإحكام خطته: أن يبقى القمة الشامخة للزهد، والورع، والنزاهة، والطهر، وكل الفضائل الإنسانية، وإلى الأبد.
الموقف العاشر:
موقفه (ع) في صلاتي العيد.. ففي إحداهما:
" بعث المأمون له يسأله: أن يصلي بالناس صلاة العيد، ويخطب، لتطمئن قلوب الناس، ويعرفوا فضله، وتقر قلوبهم على هذه الدولة المباركة، فبعث إليه الرضا صلى الله عليه وآله، وقال: قد علمت ما كان بيني وبينك من الشرط في دخولي في هذا الأمر، فاعفني من الصلاة بالناس، فقال المأمون: إنما أريد بهذا أن يرسخ في قلوب العامة، والجند، والشاكرية هذا الأمر، فتطمئن قلوبهم، ويقروا بما فضلك الله تعالى به..
ولم يزل يراده الكلام في ذلك. فلما ألح عليه قال: يا أمير المؤمنين، إن أعفيتني من ذلك، فهو أحب إلي، وإن لم تعفني خرجت كما كان يخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وكما خرج أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) قال المأمون: أخرج كيف شئت..
وأمر المأمون القواد، والحجاب، والناس: أن يبكروا إلى باب أبي الحسن (ع)، فقعد الناس لأبي الحسن في الطرقات، والسطوح:
من الرجال، والنساء، والصبيان، وصار جميع القواد، والجند إلى بابه (ع)، فوقفوا على دوابهم حتى طلعت الشمس.