والعقل، والحكمة. ويريد أن يحد من ذلك النفوذ له، الذي كان يتزايد باستمرار، سواء في خراسان، أو في غيرها.
وأيضا.. أن لا يمارس الإمام أي نشاط لا يكون له هو دور رئيس فيه، وخصوصا بالنسبة لرجال الدولة، إذ قد يتمكن الإمام (ع) من قلوبهم، ومن ثم من تدبير شئ ضد النظام القائم. دون أن يشعر أحد.
والأهم من ذلك كله: أنه كان يريد عزل الإمام (ع) عن شيعته، ومواليه، وقطع صلاتهم به، وليقطع بذلك آمالهم، ويشتت شملهم، ويمنع الإمام من أن يصدر إليهم من أوامره، ما قد يكون له أثر كبير على مستقبل المأمون، وخلافته.
وبذلك يكون أيضا قد مهد الطريق للقضاء على الإمام (ع) نهائيا، والتخلص منه بالطريقة المناسبة، وفي الوقت المناسب.
وقد قال المأمون إنه: " يحتاج لأن يضع من الإمام قليلا قليلا، حتى يصوره أمام الرعية بصورة من لا يستحق لهذا الأمر. ثم يدبر فيه بما يحسم عنه مواد بلائه. " كما سيأتي.
وقد قرأنا آنفا أنه: " كان لا يصل إلى الرضا إلا من أحب (أي هشام بن إبراهيم) وضيق على الرضا، فكان من يقصده من مواليه، لا يصل إليه ".
كما أن الرضا نفسه قد كتب في رسالته منه إلى أحمد بن محمد البيزنطي، يقول: " وأما ما طلبت من الإذن علي، فإن الدخول إلي صعب، وهؤلاء قد ضيقوا علي في ذلك الآن، فلست تقدر الآن، وسيكون إن شاء الله. " (1)