ملاحظات لا بد منها:
أول ما يطالعنا في هذه الرسالة هو استعمال الفضل لكلمة: " الرضا "، التي تنص وثيقة العهد، وغيرها: على أن المأمون هو الذي جعلها لقبا للإمام (ع) - كما سيأتي -.. فإطلاق الفضل بن سهل لكلمة " الرضا " عليه (ع) يجعلنا نقول - إن لم نقل أنه كان لقبا مشهورا ومعروفا له -: إن جعل المأمون هذا اللفظ لقبا رسميا للإمام (ع) كان بوحي من ذي الرياستين نفسه. وإن كان يمكن أن يقال عكس ذلك تماما: أي أن استعمال الفضل لهذه الكلمة كان بإيحاء من المأمون.
وثانيا: إننا بينما نرى الرسالة تشتمل على تطمين الإمام (ع): بأن قضية ولاية العهد ليست لعبة من المأمون، وإنما هي من آثار سعي ذي الرئاستين، الأمر الذي لا داعي معه للخوف والوجل على الاطلاق - بينما الرسالة تشتمل على ذلك - نراها تنص على أن قضية ولاية العهد أمر قد قضي بليل. وعلى أن هناك تصميم من ذي الرئاستين والمأمون على إمضاء هذا الأمر، وهذا يعني: أن الممانعة والمقاومة لا تجدي ولا تفيد، ولذا فإن من الأفضل له (ع) أن يكف عن ذلك، ويمتنع عنه.
وهذا ما أشار إليه الفضل بقوله: ".. وإن كتابي هذا عن إزماع من أمير المؤمنين، عبد الله الإمام المأمون ومني الخ.. ".
وثالثا: يلاحظ: أن الرسالة تتناسب في صياغتها، وانتقاء جملها وألفاظها مع ذوق الإمام (ع) ومذهبه العقائدي، ومذهب شيعته.
وتنسجم مع ما يدعيه هو، ويدعيه آباؤه، وكان قد اشتهر وشعاع بين الناس: من أن الحق في خلافة النبي (ص) لهم دون غيرهم. وأن الغير - أيا كانوا - ظالمون لهم، ومعتدون عليهم في هذا الحق.
ثم يحاول الفضل أن يفهم الإمام: أنه وإن كان هو والمأمون