يستعملها في القضاء على الإمام (ع)، كما كان الحال بالنسبة لولده الإمام الجواد، الذي قتل بالسم الذي دسته إليه ابنة المأمون، بأمر من عمها المعتصم (1)، فيكون بذلك قد أصاب عدة عصافير بحجر واحد.
كما يقولون.. ويجب أن نتذكر هنا: أن المأمون كان قد حاول أن يلعب نفس هذه اللعبة مع وزيره الفضل بن سهل، فألح عليه أن يزوجه ابنته فرفض، وكان الرأي العام معه، فلم يستطع المأمون أن يفعل شيئا، كما سنشير إليه.. لكن الإمام (ع) لم يكن له إلى الرفض سبيل، ولم يكن يستطيع أن يصرح بمجبوريته على مثل هكذا زواج. لأن الرأي العام لا يقبل ذلك منه بسهولة.. بل ربما كان ذلك الرفض سببا في تقليل ثقة الناس بالإمام، حيث يرون حينئذ أنه لا مبرر لشكوكه تلك، التي تجاوزت - بنظرهم حينئذ - كل الحدود المألوفة والمعروفة..
وعلى كل حال: فإن كل الشواهد والدلائل تشير إلى أن زواج الإمام من ابنة المأمون كان سياسيا، مفروضا إلى حد ما.. كما أننا لا نستبعد أن يكون زواج المأمون من بوران بنت الحسن بن سهل سياسيا أيضا، حيث أراد بذلك أن يوثق علاقاته مع الإيرانيين، ويجعلهم يطمئنون إليه، خصوصا بعد عودته إلى بغداد، وتركه مروا، وليبرئ نفسه من دم الفضل بن سهل، ويكتسب ثقة أخيه الحسن بن سهل، المعرف بثرائه ونفوذه.
ورابعا: وللسبب نفسه أيضا كان يظهر الاحترام والتبجيل للإمام (ع) - وإن كان يضيق عليه في الباطن (2) - وكذلك كانت الحال بالنسبة لإكرامه