قد صمما على توليته العهد، لكنه يقول له، لكن السر في ذلك مختلف بيني وبين المأمون، فأنا أقول فيك: أنك ابن رسول الله، وأنك المهتدي، والمقتدي، وأرى أن ذلك إرجاع لحقك إليك، ورد لمظلمتك عليك.
أما المأمون: فهو يراك شريكا في أمره، وشقيقا في نسبه، وأولى الناس بما تحت يده.
فالفضل يحاول بهذا أن يتقرب من الإمام، ويكتسب محبته وثقته.
ولعل إظهار هذا الاختلاف، مما اتفق عليه كل من المأمون والفضل.
وهكذا كان السياسيون، وما زالوا يتكلمون مع أندادهم باللغة، التي يرون أنها توصلهم إلى أهدافهم. وتحقق لهم مأربهم.
ورابعا: وأخيرا.. إنه بعد أن يطلب منه أن لا يضع الرسالة من يده، حتى يصير إلى باب المأمون!. نراه يضمن الرسالة إشارة واضحة:
إلى أن ذلك منه (ع) يوجب صلاح الأمة به.. وما ذلك إلا لأنه كان يعلم، كما كان الكل يعلم: أنه إذا تأكد لدى الإمام (ع): أن صلاح الأمة متوقف على عمل ما من جهته، فإنه لا يتوانى، ولا يألو جهدا في العمل بوظيفته، والقيام بواجبه.. هذا بالإضافة إلى أن في ذلك إشارة للحالة العامة، التي وصفناها في بعض فصول هذا الكتاب.
ملاحظات هامة:
هذا.. وقبل الخوض في تفصيل أسباب البيعة، لا بد من ملاحظة:
أ -: إن من الطبيعي أن يثير تصرفه هذا حفيظة العباسيين، الذين ناصبوه العداء، وشجعوا أخاه الأمين عليه، ولسوف يزيد من حنقهم، وغضبهم: حتى إنهم رضوا بإبراهيم بن شكلة المغني خليفة عليهم، عندما سمعوا بهذا النبأ الذي كان له وقع الصاعقة عليهم.
كما أن من الطبيعي أن يثير دهشتهم، ويذهلهم.. بعد أن لم يكن