ولكن فردينان توتل يرى في منجد الأعلام: أن تعصب العرب للأمين يرجع إلى أن: " المأمون لم يستطع أن يجعل العرب يحبونه، حيث إنه كان يظهر ميلا للإيرانيين، ويقربهم إليه. وقد أعانه الإيرانيون في مبارزاته، وحروبه، وخصوصا الخراسانيين منهم. ".
ولكن الذي يبدو لي هو أن تعصب العرب للأمين لم يكن نتيجة تقريب المأمون للإيرانيين، وتحببه للخراسانيين، وإنما عكس ذلك هو الصحيح، فإن المأمون لم يتقرب من الخراسانيين إلا بعد أن فرغت يده من العرب وأهل بيته، والعلويين.
لا بد من اختيار خراسان:
وبعد أن فرغت يد المأمون من بني أبيه، والبرامكة (1)، والعرب، والعلويين، اضطر أن يلتجئ إلى جهات أخرى لتمد له يد العون والمساعدة، وتكون سلما لأغراضه، وأداة لتحقيق أهدافه ومآربه.
ولم يبق أمامه غير خراسان، فاختارها، كما اختارها محمد بن علي العباسي من قبل. فأظهر لهم الميل الحب، وتقرب إليهم، وقربهم إليه، وأراهم: أنه محب لما ولمن يحبون، وكاره لما ولمن يكرهون. حتى إنه عندما علم منهم الميل إلى العلويين، والتشيع لهم، أظهر هو بدوره أنه محب للعلويين، ومتشيع لهم.
كما أنه كان من جهة ثانية قطع لهم على نفسه الوعود والعهود، برفع