أن نمضي ولا نعطي للقارئ لمحة عن حياتهم الخاصة، وسلوكهم الخلقي.
ولذا نرى لزاما علينا: أن نلم المامة سريعة ببعض ما يحدثنا به التاريخ في هذا الموضوع، فنقول العباسيون في حياتهم الخاصة:
أما حياتهم الخاصة، وما كان يمر بها من رذائل وقبائح، يندى لها جبين الإنسان الحر ألما وخجلا، ويقطر قلبه لها دما وألما، فتلك حدث عنها ولا حرج. وقد تقدم في رسالة الخوارزمي بعض ما يشير إلى ذلك.
وحيث أن الاستقصاء في هذا الموضوع مما تنوء به العصبة أولو القوة، فإننا لن نحاول التصدي لذلك، سيما وأن هذا الكتاب غير معد لبحث هذا الموضوع فعلا.
ولعل الكلمة التي تجمع صفات بني العباس الخلقية هي الكلمة التي كتبها المأمون، وهو في مرو في رسالة منه للعباسيين، بني أبيه في بغداد، والتي قلنا إننا سوف نوردها في أواخر هذا الكتاب مع الوثائق الهامة، إن شاء الله تعالى.
والمأمون: هو من أهل ذلك البيت، الذين هم أدرى من كل أحد بما فيه، لأنهم عاشوا في خضم الأحداث، وشاهدوا كل شئ، وكل القضايا عن كثب. يقول المأمون في تلك الرسالة:
".. وليس منكم إلا لاعب بنفسه، مأفون في عقله، وتدبيره، إما مغن، أو ضارب دف، أو زامر. والله، لو أن بني أمية الذين قتلتموهم بالأمس نشروا، فقيل لهم: لا تأنفوا من معائب تنالوهم بها، لما زادوا على ما صيرتموه لكم شعارا ودثارا، وصناعة وأخلاقا، ليس منكم إلا من إذا مسه الشر جزع، وإذا مسه الخير منع، ولا