ونهب، وما إلى ذلك، مما لا تقره شريعة، ولا يرضى به خلق كريم.
وأما المأمون:
فإنه لم يكن في كل ما ذكرناه أفضل من أسلافه، ولا كانت أيامه بدعا من تلك الأيام. كما سنوضح ذلك في أواخر فصل: آمال المأمون، وظروفه في الحكم، حيث سيتضح أن حال الرعية في أيامه كان قد تناهى في السوء، وبلغ الغاية في التدهور.
وصية إبراهيم الإمام:
وبعد كل الذي قدمناه، لم يعد يخفي على أحد، كم سفك العباسيون من الدماء البريئة - عدا عما سفكوه من دماء بني عمهم العلويين - ونزيد هنا: أن إبراهيم الإمام أرسل إلى أبي مسلم يأمره: " بقتل كل من شك فيه، أو وقع في نفسه شئ منه، وإن استطاع أن لا يدع بخراسان من يتكلم بالعربية إلا قتله فليفعل، وأي غلام بلغ خمسة أشبار يتهمه فليقتله، وأن لا يخلي من مضر ديارا " (1).
ولعل سر أمره له بقتل كل عربي يرجع إلى أنه كان يعلم أن ذلك يرضي الخراسانيين، الذين كانوا مضطهدين على أيدي العرب. كما أنه كان يعلم أن العرب ين يستجيبوا له استجابة واسعة ضد الأمويين، لأن الدولة الأموية كانت ترضي غرور العربي، وتؤكد اعتزازه بجنسه ومحتده.