لقد رأوهم جميعا متفقين - حتى المأمون كما سيتضح - على العداء لهم، ووجوب التخلص منهم، لكن الفرق هو أن الخلفاء الذين سبقوا المأمون كانت أساليبهم تجاههم، تتميز - عموما - بالعنف والقسوة، بخلافه هو، فإنه اتبع أسلوبا جديدا، وفريدا في القضاء عليهم، والتخلص منهم.
ولقد كان هذا الموقف مفاجأة للأمة، وصدمة لها، ولذا فمن الطبيعي أن يتسبب في ردود فعل عنيفة في ضمير الأمة ووجدانها، وبخيبة أمل قاسية لها فيهم.
بل لقد كان ذلك سببا في زيادة تعاطفها معهم، ومضاعفة احترامهم لهم - ولو بدافع إنساني بحت - ومن هنا نلاحظ أنهم كثيرا ما يذكرون في سبب نكبات الوزراء، والعمال، بل والعلماء أيضا - صدقا كان ذلك أو كذبا - أنه أجار علويا، أو أطلقه من السجن، ودله على طريق النجاة، وقد ذكرت هذه المنقبة للإمام أحمد بن حنبل أيضا (1)، وأما موقف أبي حنيفة، والشافعي، وغيرهم من العلماء، فهو أشهر من أن يذكر.
ولعل الأهم من ذلك كله:
ولعل الأهم من ذلك كله أن الناس الذين كانوا يرون سلوك العباسيين مع العلويين، ومع الناس عامة، وأيضا سلوكهم اللاأخلاقي في حياتهم الخاصة.. كانوا يرون في مقابل ذلك: زهد العلويين، وورعهم، وترفعهم عن كل الموبقات والمشينات، وخصوصا الأئمة منهم عليهم السلام.
وقد جعلهم ذلك ينساقون معهم لا إراديا، حيث رأوا أنهم هم الذين يمتلكون كل المؤهلات، ويتمتعون بكافة الفضائل والمزايا، التي