وأما الرشيد:
فسيرته تكفي عن كل بيان.. ويكفيه أنه - كما ينص المؤرخون - يشبه المنصور في كل شئ إلا في بذل المال (1)، حيث يقولون إن المنصور كان بخيلا.
وقد تسلط - كالمنصور - بعد مدة من خلافته على الأمور، فأفسد الصنايع، وأحب جمع الأموال (2).
" وكان جبارا سفاكا للدماء، على نمط من ملوك الشرق المستبدين " (3).
وقد عسف عامله أهل خراسان، وقتل ملوكها، ووجوه أهلها وأشرافها وصناديدها، وأخذ أموالهم. فأرسلها إلى الرشيد، الأمر الذي كان سببا في انتقاضها عليه (4).
وكان يعذب الناس في الخراج، حيث: " أخذ العمال، والتناء، والدهاقين، وأصحاب الصنايع، والمتباعين للغلات، والمقبلين. وكان عليهم أموال مجتمعة، فولى مطالبتهم عبد الله بن الهيثم بن سام. فطالبهم بصنوف من العذاب. إلى أن دخل عليه ابن عياض، فرأى الناس يعذبون في الخراج، فقال: ارفعوا عنهم، إني سمعت عن رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من عذب الناس في الدنيا عذبه الله يوم القيامة، فأمر بأن يرفع العذاب عن الناس، فرفع.. " (5).