الثاني: إن الغيبة لا تلازم عدم التصرف في الأمور، وعدم الاستفادة من وجوده، فهذا مصاحب موسى كان وليا، لجأ إليه أكبر أنبياء الله في عصره، فقد خرق السفينة التي يمتلكها المستضعفون ليصونها عن غصب الملك، ولم يعلم أصحاب السفينة بتصرفه، وإلا لصدوه عن الخرق، جهلا منهم بغاية عمله. كما أنه بنى الجدار، ليصون كنز اليتيمين، فأي مانع حينئذ من أن يكون للإمام الغائب في كل يوم وليلة تصرف من هذا النمط من التصرفات. ويؤيد ذلك ما دلت عليه الروايات من أنه يحضر الموسم في أشهر الحج، ويحج ويصاحب الناس، ويحضر المجالس، كما دلت على أنه يغيث المضطرين، ويعود المرضى، وربما يتكفل - بنفسه الشريفة - قضاء حوائجهم، وإن كان الناس لا يعرفونه.
(٢١٨)