أيؤثر (محمد بن عبد الله) بالنبوة، وما عرفت له قريش مالا ممدودا ولا بنين شهودا، وإن عرفت له شرف المنبت وكرم الخلق ونقاء السيرة؟
أينزل عليه هذا القرآن، ولا ينزل على رجل عظيم من أصحاب الثراء والعدد والجاه والنفوذ، في مكة أو في الطائف؟
لقد أمضى شبابه كله لم يجمع مالا، ولا تهالك على ما كان قومه يتهالكون عليه من وظائف السيادة ومراكز الجاه في المجتمع القرشي بأم القرى.
ثم هو أب لبنات أربع، لم يولد له من البنين غير عبد الله والقاسم، وقد ماتا صغيرين في سن الرضاعة. وزوجه خديجة شارفت سن اليأس بعد أن بلغت الخامسة والخمسين من عمرها، ولا يبدو عليه أنه يفكر في أن يستبدل زوجا أخرى مكانها أو يتزوج عليها، وهي أنس دنياه وموضع حبه وإعزازه، وحياتهما الزوجية مضرب الأمثال في حسن العشرة وصدق المودة وعمق التفاهم والاخلاص.
ولا تذكر قريش أنه شارك فيما يشغلها من صراع على مراكز القوى والجاه، إلا يوم جددت بناء الكعبة، قبل المبعث بخمس سنوات، وارتضت حكمه فيما شجر بين قبائلها من خلاف على الحجر الأسود، حسمه الأمين بحكمته. ثم لم يعد المجتمع المكي يرى محمدا في الزحام، حتى مضت خمس سنين وخرج من غار حراء يتلو كلمات الوحي.
قال الوليد بن المغيرة المخزومي، أبو خالد: