وما المرء إلا كالشهاب وضوئه * يحور رمادا بعد إذ هو ساطع وما المال والأهلون إلا ودائع * ولا بد يوما أن ترد الودائع وكانت حرمة البيت العتيق تفرض على العرب جميعا حرمة حماه في أم القرى، ورسخ في اعتقادهم (أن مكة لا تقر فيها ظلما ولا بغيا، ولا يبغي فيها أحد على أحد إلا أخرجته، ولا يريدها ملك يستحل حرمتها إلا هلك مكانه. فيقال إنها ما سميت ببكة، إلا لأنها كانت تبك - تكسر - أعناق الجبابرة إذا أحدثوا فيها شيئا) (1).
وبلغ من حرمة مكة عند القوم، أن تناقلت الأجيال إلى عصر المبعث ما تذكره السيدة عائشة أم المؤمنين فتقول:
(ما زلنا نسمع أن أسافا ونائلة - من أصنام العرب في الجاهلية - كانا رجلا وامرأة من جرهم، أحدثا في الكعبة فمسخهما الله تعالى حجرين) (2).
وكانت لمكة أشهر حرم لا يحل فيها قتال، وشهدت قبيل المبعث (حلف الفضول) في دار ابن جدعان، حيث تحالفت عشائر قريش