ومن هنا حاول المنكرون لعقيدة المهدي (عليه السلام) أن يهربوا، وينأوا بأنفسهم عن طائلة ذلك الاعتقاد، فلجأوا إلى التشكيك بالأخبار الواردة بشأنه أو تضعيف أسانيدها كما فعل ابن خلدون في تاريخه في الفصل الثاني والخمسين الذي عقده في أمر الفاطمي، حيث ضعف الأحاديث المروية في المهدي مع اعترافه بظهور المهدي آخر الزمان، وبصحة بعض الأحاديث المروية بشأنه. وتبعه عدد من المقلدين أمثال علي حسين السائح أستاذ كلية الدعوة الإسلامية في ليبيا في بحثه (تراثنا وموازين النقد) (1) إذ تعرض فيه لموضوع المهدي المنتظر، وتعلق بالخيوط العنكبوتية التي نسجها ابن خلدون حول عقيدة المهدي، وحسب أنه لجأ إلى ركن شديد، وأنه سيرقى عليها إلى السماء، غافلا عن أنه تشبث بأوهن البيوت.
وعندما اصطدم هؤلاء بعدم إمكانية رد تلك الروايات أو تضعيفها لكثرتها، وتعدد طرقها، وصحة أسانيد عدد كبير منها كما أثبتها أئمة الحديث (2)، لجأوا مرة أخرى إلى إحاطة أمر المهدي بالأساطير التي اخترعوها، كاختراعهم أكذوبة السرداب التي لا أصل لها عند المعتقدين به، وقد ناقشها الشيخ العلامة الأميني مناقشة وافية أبان فيها تخبط الخصوم في الأساطير التي نسجوها تارة في موقع السرداب - إذ اختلفوا فيه اختلافا مضحكا - وتارة أخرى في مواقف الشيعة وطقوسهم المزعومة حول السرداب (3).