البحث حول المهدي عجّل اللّه فرجه - السيد محمد باقر الصدر - ج ١ - الصفحة ٢٥
وأرى لزاما علي التنبيه أيضا إلى أمر مهم، ذكره العلامة محمد تقي الحكيم في كتابه الأصول العامة للفقه المقارن قائلا: " إن مجتهدي الشيعة لا يسوغون نسبة أي رأي يكون وليد الاجتهاد إلى المذهب ككل، سواء كان في الفقه أم الأصول أم الحديث، بل يتحمل كل مجتهد مسؤولية رأيه الخاص. نعم ما كان من ضروريات المذهب يصح نسبته " (1).
ومن هنا يكون من المجازفة في القول تعميم الرأي الاجتهادي ما لم يحظ بالقبول والشهرة. وكذلك الأمر في المجالات الأخرى فإنه لو ذهب أحد المفسرين أو الأخباريين إلى رأي، أو أخذ برواية، أو أبدى وجهة نظر معينة، وحتى لو اعتمد نظرية أو فكرة، فإنه لا يصح تحميل المذهب أو الطائفة ذلك، بل يكون من المنطقي نسبة الرأي إليه، وتحميله هو اعتماده على هذه الرواية أو تلك، مع ضرورة الأخذ بنظر الاعتبار منهجه الروائي الخاص. ويكون حينئذ على الباحث العلمي أن يحصل رأي المذهب من مجموع آراء الفقهاء والعلماء، واستنادا إلى المنهج العام لديهم بما في ذلك منهجهم في قبول الأخبار والروايات والأسانيد، وكذلك يشترط الرجوع إلى ما أصلوه من المفاهيم والآراء بالرجوع إلى المصادر الأصلية والأساسية لديهم.
وعليه فبدون ذلك، أعني بدون الالتفات إلى هذه الملاحظات المهمة، فإن الباحثين سيقعون بلا أدنى شك في الخلط والمجازفة والاشتباه، ولا يعفون حينئذ من سوء القصد ومحاولة المشاغبة والتشويش وهو ما دأب عليه أسلافهم من المستشرقين وخصوم الإسلام أو الحاقدين على أهل البيت (عليهم السلام)، وعلى مدرستهم الأصيلة في الإسلام الحنيف، كما هو شأن إحسان إلهي ظهير والجبهان والبنداري وغيرهم في القديم والحديث.

(١) الأصول العامة للفقه المقارن: ص 596، الطبعة الثانية 1979 م، دار الأندلس - بيروت.
(٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 ... » »»