أولا: منهج المشككين ينطلق المنكرون للإمام المهدي المنتظر (عليه السلام) من دوافع ومنطلقات لا تنسجم مع منهج الإسلام العام في طرح العقائد والدعوة إلى الإيمان بها. فمنهج الإسلام الذي يعتمد على العقل والمنطق والفطرة، يقوم في جانب مهم منه على ضرورة الإيمان بالغيب. وتتكرر الدعوة في القرآن الكريم إلى ذلك، إذ هناك عشرات الآيات (1) التي تتحدث عن الغيب والدعوة إلى الإيمان به، والمدحة عليه كما في قوله تعالى: (ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين * الذين يؤمنون بالغيب) البقرة: 2 - 3، وفي الحديث النبوي الشريف (2) كذلك، إذ هناك مئات الروايات وبصور متنوعة وعديدة وكلها تؤكد الإيمان بالغيب وعلى أنه جزء لا يتجزأ من العقيدة، وأن هذا الغيب سواء تعقله الإنسان وأدرك جوانبه أو لم يستطع إدراك شئ منه وخفيت عليه أسراره، فإنه مأمور بالإيمان، غير معذور بالإنكار، بلحاظ أن مثل هذا الإيمان هو من لوازم الاعتقاد بالله تعالى، وبصدق سفرائه وأنبيائه الذين ينبئون ويخبرون بما يوحى إليهم، كما هو الأمر في الإيمان بالملائكة وبالجن وبعذاب القبر وبسؤال الملكين (منكر ونكير) وبالبرزخ (3) وبغير ذلك من المغيبات التي جاء بها القرآن الكريم أو نطق بها الرسول الأمين ونقلها إلينا الثقات المؤتمنون. وإذن فكل تشكيك بشأنها - أي قضية المهدي - إنما يتعلق بأصل التصديق بالغيب، والكلام فيه يرجع إلى هذا الأصل.
(١٣)