الكنى والألقاب - الشيخ عباس القمي - ج ٣ - الصفحة ١٣٢
وبذل له مائة دينار في تدريسه إياه فامتنع أبو عثمان من ذلك، قال فقلت له جعلت فداك أترد هذه المنفعة مع فاقتك وشدة إضاقتك فقال: ان هذا الكتاب يشتمل على ثلاثمائة كذا وكذا آية من كتاب الله عز وجل، ولست أرى ان أمكن منها ذميا غيرة على كتاب الله وحمية له، قال: فاتفق ان غنت جارية بحضرة الواثق بقول العرجي:
أظلوم ان مصابكم رجلا * أهدى السلام تحية ظلم فاختلف من كان في المجلس في اعراب (رجلا)، فمنهم من نصبه وجعله اسم ان، ومنهم من رفعه على أنه خيرها، والجارية مصرة على أن شيخها أبا عثمان المازني لقنها إياه بالنصب، فأمر الواثق بإشخاصه، قال أبو عثمان: فلما مثلت بين يديه قال: ممن الرجل؟ قلت: من بني مازن، قال: ثم سألني عن الشعر فقال: أترفع رجلا أم تنصبه؟ فقلت: الوجه النصب، قال لم؟
فقلت: ان مصابكم مصدر بمعنى أصابتكم فهو بمنزلة قولك ان ضربك زيدا ظلم، فالرجل مفعول مصابكم والدليل عليه ان الكلام معلق إلى أن تقول ظلم فاستحسنه الواثق، ثم أمر له بألف دينار ورده مكرما.
قال المبرد: فلما عاد إلى البصرة قال لي: كيف رأيت يا أبا العباس رددنا الله مائة فعوضنا ألفا؟ نقلت ذلك من الوفيات، وفي ذلك كان معجزة للقرآن الكريم.
له مصنفات كثيرة في النحو والتصريف والعروض والقوافي وغير ذلك، وعن تعليقات الشهيد على الخلاصة قال ابن داود نقلا عن (كش) انه يعني المازني إمام ثقة، إنتهى.
وحكي عن القاضي بكار بن أبي قتيبة الحنفي المصري قال: ما رأيت نحويا قط يشبه الفقهاء إلا حيان الهلال والمازني وكان في غاية الورع، توفي بالبصرة سنة 249 أو 248.
(١٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»