الكنى والألقاب - الشيخ عباس القمي - ج ٣ - الصفحة ١٠٢
أقرانه والمهابة والمقبولية عند الناس على طبقاتهم من الملوك والتجار والسوقة للفقراء والضعفاء من المؤمنين، وحضه على طعام المسكين لرأيت شيئا عجيبا، وقد نقل عنه في ذلك مقامات وحكايات لو جمعت لكانت رسالة طريفة نافعة، (ومن طريف) ما سمعناه ونتبرك به في هذه الأوراق ما حدثني به الثقة العدل الصفي السيد مرتضي النجفي، وكان ممن أدركه في أوائل عمره قال: أبطأ الشيخ في بعض الأيام عن صلاة الظهر وكان الناس مجتمعين في المسجد ينتظرونه، فلما استيأسوا منه قاموا إلى صلاتهم فرادى وإذ الشيخ قد دخل في المسجد فرآهم يصلون فرادى فجعل يوبخهم وينكر عليهم ذلك ويقول: أما فيكم من تثقون به وتصلون خلفه، ووقع نظره من بينهم إلى رجل تاجر صالح معروف عنده بالوثاقة والديانة يصلى في جنب سارية من سواري المسجد، فقام الشيخ خلفه واقتدى به، ولما رأوا الناس ذلك اصطفوا خلفه وانعقدت الصفوف وراءه فلما أحس التاجر بذلك اضطرب واستحيى ولا يقدر على قطع الصلاة ولا يتمكن من إتمامها كيف وقد قامت صفوف خلفه تغتبط منها الفحول من العلماء فضلا عن العوام، ولم يكن له عهد بالإمامة سيما التقدم على مثل هؤلاء المأمومين، ولما لم يكن له بد من الاتمام أتمها والعرق يسيل من جوانبه حياء، ولما سلم قام فأخذ الشيخ بعضده وأجلسه، قال: يا شيخ قتلتني بهذا الاقتداء مالي ولمقام الإمامة، فقال الشيخ لا بدلك من أن تصلي بنا العصر، فجعل يتضرع ويقول: تريد تقتلني لا قوة لي على ذلك وأمثال ذلك من الكلام، فقال الشيخ: إما ان تصلي أو تعطيني مائتي شامي أو أزيد والترديد منى، قال: بل أعطيك ولا أصلي، فقال الشيخ:
لابد من إحضارها قبل الصلاة فبعث من أحضرها ففرقها على الفقراء ثم قام إلى المحراب وصلى بهم العصر.
وكم له (ره) من أمثال هذه القضية جزاه الله تعالى عن الاسلام والمسلمين خير جزاء المحسنين إنتهى.
(١٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 ... » »»