ثم عاد إلى بلده ولم يزالوا يعثون في البلاد ويكثرون فيها الفساد من القتل والسبي والنهب والحريق إلى سنة 317 فحج الناس فيها وسلموا في طريقهم، ثم وافاهم أبو طاهر بمكة يوم التروية فنهبوا أموال الحجاج وقتلوهم حتى في المسجد الحرام وفي البيت نفسه وقلع الحجر الأسود وأنفذه إلى هجر، وقلع باب الكعبة وصعد رجل ليقلع الميزاب فسقط فمات وطرح القتلى في بئر زمزم ودفن الباقين في المسجد الحرام من غير كفن ولا غسل ولا صلاة على أحد منهم، وأخذ كسوة البيت فقسمها بين أصحابه ونهب دور أهل مكة فلما بلغ ذلك المهدي عبيد الله صاحب إفريقية كتب إليه ينكر عليه ذلك ويلومه ويلعنه فأمره برد الأموال ورد الحجر ورد كسوة الكعبة، فلما وصله ذلك الكتاب أعاد الحجر واستعاد ما أمكنه من أموال أهل مكة فرده، وكان بحكم التركي أمير بغداد والعراق قد بذل لهم في رده خمسين ألف دينار فلم يردوه وردوه الآن وعلى الجملة فالذي فعلوه في الاسلام لم يفعله أحد، وملكوا كثيرا من البلاد.
وقتل أبو طاهر في سنة 332 (شلب)، والجنابي بفتح الجيم وتشديد النون وبعد الألف باء موحدة نسبة إلى جنابة بلد من اعمال فارس متصلة بالبحرين عند سيراف والقرامطة منها.
(والقرمطي) بكسر القاف وسكون الراء وكسر الميم، والقرمطة تقارب الشئ بعضهم من بعض يقال خط مقرمط وشئ مقرمط إذا كان كذلك وكان أبو سعيد المذكور قصيرا مجتمع الخلق أسمر كريه المنظر فلذلك قيل له قرمطي (الجنابذي) نسبة إلى جنابذ بالضم ناحية من نواحي نيسابور يقال لها كناباد ينسب إليها جمع كثير منهم ابن الأخضر الجنابذي صاحب كتاب معالم العترة النبوية الذي ينقل منه الشيخ الأربلي في كشف الغمة وقد تقدم في ابن الأخضر.