في الطريق قطعة فيها مكتوب بسم الله الرحمن الرحيم وقد وطأته الاقدام فأخذها واشترى بدراهم كانت معه غالية فطيب بها الورقة وجعلها في شق حائط فرأى في النوم كأن قائلا يقول: يا بشر طيبت اسمي فلأطيبن اسمك في الدنيا والآخرة فلما أصبح تاب (1).
وفي (ضا) قال العلامة في منهاج الكرامة في سبب توبة بشر انه اجتاز مولانا الإمام موسى بن جعفر عليه السلام على داره ببغداد فسمع الملاهي وأصوات الغناء والقصب تخرج من تلك الدار فخرجت جارية وبيدها قمامة فرمت بها في الدرب فقال عليه السلام لها: يا جارية صاحب هذه الدار حر أم عبد؟ فقالت: بل حر فقال صدقت لو كان عبدا خاف من مولاه فلما دخلت قال مولاها وهو على مائدة السكر ما أبطأك؟ فقالت: حدثني رجل بكذا وكذا فخرج حافيا حتى لقي مولانا الكاظم عليه السلام فتاب على يده واعتذر وبكى لديه استحياء من عمله إنتهى.
قال الخطيب: انه كان ابن عم علي بن خشرم، وكان ممن فاق أهل عصره في الورع والزهد، وتفرد بوفور العقل وأنواع الفضل، قال: وكان كثير الحديث إلا أنه لم ينصب نفسه للرواية وكان يكرهها، ودفن كتبه لأجل ذلك، وحكي عن إبراهيم الحربي قال: ما أخرجت بغداد أتم عقلا ولا احفظ للسانه من بشر بن الحرث في كل شعرة منه عقلا، وذكر له حكايات من زهده وقناعته ليس هنا مقام نقلها إنتهى.
وله كلمات حكيمة منها: عقوبة العالم في الدنيا ان يعمى بصر قلبه وقال من طلب الدنيا فليتهيأ للذل، وقال: اجعل الآخرة رأس مالك فما اتاك من الدنيا