أخلاق أهل البيت (ع) - السيد محمد مهدي الصدر - الصفحة ٨٥
أهل بعدك، وإنما أنت جامع لأحد رجلين: رجل عمل فيما جمعته بطاعة الله، فسعد بما شقيت به، أو رجل عمل فيه بمعصية الله، فشقي بما جمعت له، وليس أحد هذين أهلا أن تؤثره على نفسك، وتحمل له على ظهرك، فأرجو لمن مضى رحمة الله، ولمن بقي رزق الله (1).
وعن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تعالى: كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم (البقرة: 167) قال: هو الرجل يدع ماله لا ينفقه في طاعة الله بخلا، ثم يموت فيدعه لمن يعمل فيه بطاعة الله، أو في معصية الله، فإن عمل فيه بطاعة الله، رآه في ميزان غيره فرآه حسرة، وقد كان المال له، وإن كان عمل به في معصية الله، قواه بذلك المال حتى عمل به في معصية الله (2).
* * * وهناك فئة تعشق المال لذاته، وتهيم بحبه، دون أن تتخذه وسيلة إلى سعادة دينية أو دنيوية، وإنما تجد أنسها ومتعتها في اكتناز المال فحسب، ومن ثم تبخل به أشد البخل.
وهذا هوس نفسي، يشقي أربابه، ويوردهم المهالك، ليس المال غاية، وإنما هو ذريعة لمآرب المعاش أو المعاد، فإذا انتفت الذريعتان غدا المال تافها عديم النفع.
وكيف يكدح المرء في جمع المال واكتنازه؟! ثم سرعان ما يغنمه

(1) نهج البلاغة.
(2) الوافي ج 6 ص 69 عن الكافي والفقيه.
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»