أخلاق أهل البيت (ع) - السيد محمد مهدي الصدر - الصفحة ٣٧٧
وهذه وصية بليغة لأعرابية حكيمة، توصي بها ابنتها ليلة البناء بها: أي بنية، إنك فارقت بيتك الذي منه خرجت، وعشك الذي فيه درجت، إلى وكر لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه. فكوني له أمة يكن لك عبدا، واحفظي له خصالا عشرا:
أما الأولى والثانية: فاصحبيه بالقناعة، وعاشريه بحسن السمع والطاعة.
وأما الثالثة والرابعة: فالتفقد لموضع عينه وأنفه، فلا تقع عينه منك على قبيح، ولا يشم منك الا أطيب ريح.
وأما الخامسة والسادسة: فالتفقد لوقت منامه وطعامه، فان تواتر الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة.
وأما السابعة والثامنة: فالاحتراس بماله، والارعاء على حشمه وعياله. وملاك الأمر في المال حسن التقدير، وفي العيال حسن التدبير.
وأما التاسعة والعاشرة: فلا تعصين له أمرا، ولا تفشين له سرا. فإنك ان خالفتيه أغرت صدره، وان أفشيت سره لم تأمين غدره.
ثم إياك والفرح بين يديه إذا كان مهتما، والكآبة بين يديه إذا كان فرحا، فان الخصلة الأولى من التقصير، والثانية من التكدير.
وكوني له أشد الناس له إعظاما يكن أشدهم لك اكراما. واعلمي أنك لا تصلين إلى ما تحبين حتى تؤثري رضاه على رضاك، وهواه على هواك، فيما أحببت وكرهت. والله يخير لك (1).

(1) مختارات المنفلوطي ص 240.
(٣٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 382 ... » »»