ويتواعدونه، فنظر رسول الله إليهم فقال: ما الذي تصنعون به؟! فقالوا: يا رسول الله يهودي يحبسك! فقال: لم يبعثني ربي عز وجل بأن أظلم معاهدا ولا غيره. فلما علا النهار قال اليهودي: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وشطر مالي في سبيل الله، أما والله ما فعلت بك الذي فعلت، إلا لأنظر إلى نعتك في التوراة، فاني قرأت نعتك في التوراة: محمد بن عبد الله، مولده بمكة، ومهاجره بطيبة، وليس بفظ ولا غليظ، ولا سخاب، ولا متزين بالفحش، ولاقول الخنا، وأنا أشهد أن لا إله الا الله، وأنك رسول الله، وهذا مالي فاحكم فيه بما أنزل الله، وكان اليهودي كثير المال (1).
وهكذا كان الأئمة المعصومون من أهل البيت عليهم السلام في مكارم أخلاقهم، وسمو آدابهم. وقد حمل الرواة إلينا صورا رائعة ودروسا خالدة من سيرتهم المثالية، وأخلاقهم الفذة:
من ذلك ما ورد عن أبي محمد العسكري عليه السلام قال: ورد على أمير المؤمنين عليه السلام أخوان له مؤمنان، أب وابن، فقام إليهما وأكرمهما وأجلسهما في صدر مجلسه، وجلس بين يديهما، ثم أمر بطعام فأحضر فأكلا منه، ثم جاء قنبر بطست وابريق خشب ومنديل، فأخذ أمير المؤمنين عليه السلام الإبريق فغسل يد الرجل بعد أن كان الرجل يمتنع من ذلك، وتمرغ في التراب، وأقسمه أمير المؤمنين عليه السلام أن يغسل مطمئنا، كما كان يغسل لو كان الصاب عليه قنبر ففعل، ثمن ناول الإبريق محمد بن