السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٣ - الصفحة ٥٢
وقد قام لله في أموره كلها فبسبب ذلك أرضى الله تباين منه صلى الله عليه وسلم لأعدائه ووفاء لأوليائه فعله صلى الله عليه وسلم كله جميل ولا بدع في ذلك إذا ما يسيل مما في الإناء على ظاهره الا ما كان في تلك الإناء فمن أمتلأ قلبه خيرا كانت أفعاله كلها خيرا ومن امتلأ قلبه شرا كانت أفعاله كلها شرا ثم جلس صلى الله عليه وسلم في المسجد ومفتاح الكعبة في يده في كمه فقام اليه علي كرم الله وجهه فقال يا رسول الله صلى اجمع لنا وفي لفظ اجمع لي الحجابة مع السقاية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أعطيكم ما تبذلون فيه أموالكم للناس أي وهو السقاية لا ما تأخذون فيه من الناس أموالهم وهي الحجابة لشرفكم وعلو مقامكم وفي رواية أن العباس رضي الله تعالى عنه تطاول يومئذ لأخذ المفتاح في رجال من بني هاشم أي منهم علي كرم الله وجهه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أين عثمان بن طلحة فدعى له فقال هاك مفتاحك يا عثمان اليوم يوم بر ووفاء وقيل نزلت هذه الآية إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها في شأن عثمان ابن طلحة رضي الله تعالى عنه ودفع المفتاح له أي لما أخذه علي كرم الله وجهه وقال يا رسول الله أجمع لنا الحجابة مع السقاية فقال صلى الله عليه وسلم لعلى أكرهت وآذيت وأمره صلى الله عليه وسلم أن يرد المفتاح إلى عثمان ويعتذر اليه فقد انزل الله في شأنك أي أنزل الله عليه ذلك في جوف الكعبة وقرأ عليه الآية ففعل علي كرم الله وجهه ذلك وسياق هذه الرواية يدل على أن عليا كرم الله وجهه أخذ المفتاح على أن لا يرده لعثمان فلما نزلت الآية أمره صلى الله عليه وسلم أن يرد المفتاح لعثمان والسقاية كما تقدم كانت أحواض من أدم يوضع فيه الماء العذب لسقاية الحاج ويطرح فيها التمر والزبيب في بعض الأوقات وفي كلام الأزرقي كان لزمزم حوضان حوض بينها وبين الركن يشرب منه وحوض من ورائه للوضوء أي ولعل هذا كان بعد الفتح والسقاية قام بها العباس رضي الله تعالى عنه بعد موت أبيه عبد المطلب وقام بها بعده ولده عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما وقد تكلم فيها محمد بن الحنفية مع ابن عباس فقال له ابن عباس مالك ولها نحن أولى بها في الجاهلية والإسلام قام بها العباس بعد موت
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»